ثمّ غدر بِهِ عسكره وانضموا إلى شمس الدّولة جَكَرْمِش، فافتتح نصيبين، ثمّ نازل المَوْصِل، وحاصر موسى مدة، فأرسل موسى إلى سُقْمان بْن أُرْتُق يستنجد بِهِ، عَلَى أنّ أطلق لَهُ حصن كيفا وعشرة آلاف دينار. فسار من ديار بَكْر ونَجَدَه، فرحل عَنْهُ جكرمش. فخرج موسى يتلقّى سُقْمان، فوثب عَلَيْهِ جماعة فقتلوه، وهرب خواصُّه. وملك سُقْمان حصن كيفا، فبقيت بيد ذريته إلى سنة بضع وعشرين وستمائة. وكان بها في دولة الملك ابن العادل محمود بْن مُحَمَّد بْن قُرا رسلان بْن دَاوُد بْن سُقْمان بْن أُرْتُق صاحبها.
استيلاء جَكَرْمِش عَلَى المَوْصِل والخابور:
ثمّ سار جكرمِش وحاصر المَوْصِل، فتسلّمها صُلْحًا، وأحسن السيرة، وقتل الذين وثبوا عَلَى موسى. واستولى بعد ذَلِكَ عَلَى الخابور، وغيره، وقوي أمره.
موقعة صَنْجيل الإفرنجي عند طرابلس:
قَالَ ابن الأثير: وكان صَنْجيل الإفرنجي، لعنه اللَّه، قد لقي قلج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب الروم، فهزمه ابن قُتُلْمش، وأسر خلقًا من الإفرنج، وقتل خلقًا، وغنم شيئًا كثيرًا. وبقي مَعَ صنجيل ثلاثمائة، فوصل بهم إلى الشام، فنازل طرابلس، فجاءت نجدةُ دمشق نحو ألفي فارس، وعسكر حمص، وغيرهم، فالتقوا عَلَى باب طرابلس، فرتب صَنْجيل مائة في وجه أهل البلد، ومائةً لملتقى عسكر دمشق، وخمسين فارسًا للحمصيّين، وبقي هُوَ في خمسين. فأمّا عسكر حمص، فلم يثبتوا للحملة، وولوا منهزمين، وتَبِعَهم عسكر دمشق. وأمّا أهل البلد، فقتلوا المائة الذين بارزتهم، فحمل صنجيل بالمائتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتل منهم مقتلة، وحاصرهم، وأعانه أهل البَرّ، فإنّ أكثرهم نصارى. ثمّ هادنهم عَلَى مالٍ. ونازل أَنْطرسَوُس، فافتتحها وقتل أهلها.