فهرب كُنْدُغدي إلى خدمة قدرخان، وهو صاحب سَمَرْقَنْد جبريل بْن عُمَر، ففرح بمَقْدَمِه، وسار معه فملك تِرْمِذ، وقرُب قدرخان بجيوشه إلى بلْخ، فجاءت العيون إلى سَنْجَر، أنّ قدرخان ذهب يتصيد في ثلاثمائة فارس، فندب الأمير بزغش لقصْده، فساق ولحقه وقاتله، فانهزم أصحاب قدرخان لقلتهم، وأسر قدرخان وكُنْدُغْدي، وأُحضرا بين يدي سَنْجَر فقبَّل قدرخان الأرض واعتذر فأمر بِهِ فقُتِل وتملّس كُنْدُغدي، ونزل في قناة مشى فيها قدْر فرسَخَيْن تحت الأرض، عَلَى ما بِهِ من النِّقْرِس، وقتل فيها حَيَّتين، وطلع من القناة، فصادف أصحابه، فسار في ثلاثمائة فارس إلى غَزْنَة.
وفاة كُنْدُغدي:
قَالَ ابن الأثير: وقيل: بل جمع سَنْجَر عساكر كثيرة، والتقى بصاحب سَمَرْقَنْد، وكثُر القْتلُ بين النّاس، وانهزم قدرخان صاحب سَمَرْقَنْد، وأسر، ثمّ قتل. وحاصر سَنْجَر تِرْمِذ، وفيها كُنْدُغدي، فنزل بالأمان، وأمره بمفارقة بلاده، فسار إلى غَزْنَة، فأكرمه صاحبها علاء الدّولة وبالغ، ثمّ خاف منه كُنْدُغدي، ثمّ هرب، فمات بناحية هَرَاة.
تملُّك سَنْجَر بْن محمد على سَمَرْقَنْد:
وأحضر السلطان سَنْجَر محمد بْن سليمان بْن بُغْراخان نائب مَرْو، وملّكه سَمَرْقَنْد، وبعثه إليها. وهو من أولاد الخانيّة بما وراء النّهر، وأُمُّه ابنة السلطان ملكشاه، وسنجر خاله، فدفع عَنْ مملكة آبائه، فقصد مَرْو، وأقام بها إلى الآن، فعظم شأنُه، وكثرت جموعه، إلّا أَنَّهُ انتصب له هاغوابك، وزاحمه في المُلْك، وجرت لَهُ معه حروب.
استرجاع بَلَنْسِيَة من النصارى:
وفيها نازل المسلمون بَلَنْسِيَة، واسترجعوها من النصارى بعد أنّ بقيت بأيديهم ثمانية أعوام، فجدد محراب جامعها. ودامت دار إسلام إلى أنّ أخذتها النّصارى المرة الثانية سنة ست وثلاثين وستمائة١.
١ البداية والنهاية "١٢/ ١٦٣"، النجوم الزاهرة "٥/ ١٨٠".