ويستصرخون بِهِ، ويستنجدون بِهِ لِيُدركهم، فندب جيشًا عليهم جاولي سقاوة، وكاتب صَدَقَةَ بْن مَزْيَد، وصاحب المَوْصِل وغيرهما لينهضوا إلى حرب الكُفّار. فثقُل ذَلِكَ عَلَى المكاتبين ونكلوا عَن الجهاد، وأقبلوا عَلَى حظوظ الأنفس، فلا قوة إلّا باللَّه.
استظهار الروم عَلَى الإفرنج:
وكان ابن قُتُلْمش نَفَذَ بعض جيشه لإنجاد صاحب قسطنطينيّة عَلَى بَيْمُنْد وإفرنج الشام، فلمّا التقى الْجَمْعان استظهر الرّوم وكسروا الإفرنج شرّ كسْرَة، أتت عَلَى أكثرهم بالقتل والأسْر. وفصل الأتراك جُنْد ابن قُتُلْمش بعد أنّ خلع عليهم طاغية الروم وأكرمهم. انتهت الوقائع ولله الحمد والمنّة. ويتلوها طبقات المتوفين في هذه السنتين إن شاء الله تعالى، وبه أستعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. وكان الفراغ من هذا الكتاب يوم الثلاثاء الساعة الثالثة ونصف من شهر ربيع الثاني من شهور سنة الخامسة والثلاثين بعد الثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وأزكى التحية. والله أعلم١.
١ انظر: الكامل "١٠/ ٤١٧، ٤١٨"، والبداية والنهاية "١٢/ ١٦٥، ١٦٦"، والنجوم الزاهرة "٥/ ١٨٩-١٩٢"، صحيح التوثيق "٧/ ٥٢٥".