للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضربت لهم الدبادب، وردوا الباب الحديد الّذي أُخِذ من جامع المنصُور إلى مكانه١.

قتل الباطنيَّة الخليفة المسترشد:

وقدِم رسولٌ ومعه عسكر يستحثّ مسعود أمر جهة عمّه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر من الباطنيَّة، فذُكر أنّ مسعودًا ما علم بهم، فالله أعلم، فركب السّلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنيَّة على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسُّرادق فخرج الباطنيَّة وقد فرغوا من شُغلهم، فقُتِلَوا. وجلس السّلطان للعزاء، ووقع النّحيب والبكاء؛ وذلك على باب مَرَاغة، وبها دُفن.

وجاء الخبر، فطلب الرّاشد النّاس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلمّا أصبح شاع قتْله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنّحيب، وخرج النّاس حُفاةً مُخَرَّقي الثّياب، والنّساء منشّرات الشُّعور يلْطِمْن، ويقُلْن فيه المراثي على عادتهنّ، لانّ المسترشد كان محبَّبًا فيهم بمرة، لما فيه من الشّجاعة والعدل والرَّفْق بهم٢.

فمن مراثي النّساء فيه:

يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك رائم

اهتزّت الدّنيا ومَن عليها ... بعد النّبيّ ومن ولي عليها

قد صاحت البومة على السُّرادق ... يا سيّدي ذا كان في السّوابق

تُرَى تراك العينُ في حريمك ... والطَّرحة السّواد على كريمك

وَعُمِلَ العزاء في الديوان ثلاثة أيام، تولى ذلك ناصح الدّولة ابن جَهير، وأبو الرّضا صاحب الدّيوان.

بيعة الراشد بالخلافة:

ثمّ شرعوا في الهناء، وكتب السلطان إلى الشحنة بكبة أن يبايع للراشد.


١ المنتظم "١٠/ ٤٨، ٤٩".
٢ الكامل في التاريخ "١١/ ٢٧"، المنتظم "١٠/ ٤٩"، سير أعلام النبلاء "١٩/ ٥٦١، ٥٧٣"، البداية والنهاية "١٢/ ٢٠٨".