للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَوْذَةً تَرُدُّ عَنْهُ، فَقِيلَ لابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلا تكلمهم في الصلح، فقال: أوحين صُلْحٍ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لَذَبَحُوكُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ:

وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِسُبَّهٍ ... وَلا مُرْتَقٍ مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا

أُنَافِسُ سَهْمًا إِنَّهُ غَيْرُ بَارِحٍ ... مُلَاقِي الْمَنَايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا

قَالَ: وَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ طَائِفَةٌ مِنْ أَعَوْانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَرْمُونَ عَدُوَّهُ بِالآجُرِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ فِي مَفْرَقِهِ فَلَقَتْ رَأْسَهُ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالُوا: لَمَّا قَتَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مُصْعَبًا بَعَثَ الْحَجّاجُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَبَقِيَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَبْعَثُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْثًا فَتُهْزَمُ خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُرَدُّ أَصْحَابُ الْحَجّاجِ إِلَى الطَّائِفِ، فَكَتَبَ الْحَجّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ وَمُحَاصَرَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنْ يَمُدَّهُ بِجَيْشٍ، فَأَجَابَهُ وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَحَجَّ الْحَجَّاجُ بِالنَّاسِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي، ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَطَارِقُ وَلَمْ يَطُوفَا بِالْبَيْتِ وَلا قَرُبَا النِّسَاءَ حَتَّى قتل ابن الزُّبَيْرِ فَطَافَا.

وَحُصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ لَيْلَةِ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

وَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حُبْشَانُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ فَلا يَقَعَ لَهُمْ مِزْرَاقٌ إلا فِي إِنْسَانٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا.

وَكَانَ مَعَهُ أَيْضًا مِنْ خَوَارِجِ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ ذَكَرُوا عُثْمَانَ فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ، فَبَلَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاكَرَهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَبِالْقِتَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ زَمْزَمَ فَتَعْصِمُهُمْ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ.

وَثنا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا كَيْفَ تَضْرِبُونَ بِسِيُوفِكُمْ، وَلْيَصُنِ الرَّجُلُ سَيْفَهُ كَمَا يَصُونُ وَجْهَهُ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يُخْطِئَ مَضْرِبَ سَيْفِهِ، فَكُنْتَ أَرْمُقُهُ إِذَا ضَرَبَ فَمَا يُخْطِئُ مَضْرِبًا وَاحِدًا شِبْرًا مِنْ ذُبَابِ السَّيْفِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْحَوَارِيِّ.