للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُمْ فِي الْحَدِيدِ فَيُجْعَلُونَ فِي الْمَحَامِلِ عُرَاةً لَيْسَ تَحْتَهُمْ وِطَاءٌ١ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ رَاهَقْتُ الاحْتِلامَ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي -وَأُخِذَ مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ نَفْسٍ مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَغَيْرُهُمْ، فَأَرَاهُمْ بِالرَّبَذَةِ مُلْتَفِّينَ فِي الشَّمْسِ- وَسُجِنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَوَافَى الْمَنْصُورَ الرَّبَذَةَ مُنْصَرِفًا مِنَ الْحَجِّ, فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَسَنٍ مِنَ الْمَنْصُورِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ دَعَانِي الْمَنْصُورُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ عَمُّهُ عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ الْمَنْصُورُ: لا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، أَيْنَ الْفَاسِقَانِ ابْنَا الْفَاسِقِ، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُنِي الصِّدْقُ يا أمير المؤمنين؟ قال: وما ذاك؟ قلت: امرأتي طالق وعلي وإن كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهُمَا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي، وَأَقَمْتُ بَيْنَ الْعِقَابَيْنِ، فَضَرَبَنِي أَرَبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي وَرُدِدْتُ إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ أُحْضِرَ الدِّيبَاجُ وَهُوَ محمد بن بن عَبْدِ اللَّهِ الْعُثْمَانِيُّ فَسَأَلَهُ عَنْهُمَا فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَجَعَلَ فِي عُنُقِهِ غِلا فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْنَا وَقَدْ لَصَقَ قَمِيصَهُ عَلَى جِسْمِهِ مِنَ الدِّمَاءِ، ثُمَّ سُيِّر بِنَا إِلَى الْعِرَاقِ. فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بِالْحَبْسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أخوه حسن، ثُمَّ مَاتَ حسن بعده فصلى عَلَيْهِ الديباج، ثم مات الديباج فَقُطِعَ رَأْسُهُ وَأُرْسِلَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ لِيَطُوفُوا بِهِ بِخُرَاسَانَ وَيْحِلُفوا أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّهُ رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن حسن الذي يَجِدُونَ فِي الْكُتُبِ خُرُوجَهُ فِيمَا زَعَمُوا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ.

وَقِيلَ: لَمَّا أُتِيَ بِهِمُ الْمَنْصُورُ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ فَقَالَ: أَنْتَ الدِّيبَاجُ الأَصْفَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَتْلَةً مَا قُتلها أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِاسْطُوَانَةٍ فَنُقِرَتْ، ثُمَّ أُدْخِلَ فِيهَا ثُمَّ شُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً.

وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجَ وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الْحَبْسِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ إِلا بِأَجْزَاءٍ كان يقرؤها علي بن الحسن.


١ الوطاء: المهاد الوطئ، والفراش اللين.