للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربع وأربعين، وسنة اثنتين وخمسين زاد الفسوي: أَنَّهُ حج أيضًا سنة سبع وأربعين ومائة.

قَالَ أَبُو العيناء: نا الأصمعي أن المنصور صعد المنبر فشرع فِي الخطبة فقام إِلَيْهِ رَجُل فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين أذكر من أنت فِي ذكره. فَقَالَ لَهُ: مرحبًا لقد ذكرت جليلا وخوَّفت عظيمًا وأعوذ بالله أن أكون ممن إذا قيل يه اتق الله أخذته العزّة بالإِثم، والموعظة منا بدت وعنّا خرجت وأنت يَا قائلها فأحلف بالله مَا الله أردت أنما أردت أن يقال قام فَقَالَ فعوقب فصبر فأهون بها من قائلها وأهتبلها من الله ويلك إِنِّي قد غفرتها، وإياكم معشر الناس وأمثالها. ثُمَّ عاد إِلَى خطبته وكأنما يقرأ من كتاب١.

وقال الزبير: حدثني مبارك الطبري سمعت أبا عبيد الوزير سَمِعَ المنصور يَقُولُ: الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعيّة لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم عَلَى العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظَلَمَ مَن هُوَ دونه.

قَالَ الفريابي محمد بْن يوسف: قَالَ عبّاد بْن كثير لسفيان: قُلْتُ: لأبي جعفر: أتؤمن بالله، قَالَ: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتوها من بني أمية، فَوَالله لئن كَانَت صارت إليهم ظلمًا وغضبًا لما رددتموها إِلَى أهلها الَّذِينَ ظُلموا، ولئن كَانَت لَهُم لقد أخذتم مَا لا يحلّ لكم، إذا دُعَيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاءوا بعمر بْن عَبْد العزيز، فإذا دُعيتم أنتم لم تجيئوا بأحد، فكنْ أنتَ ذَلِكَ الأحد، فقد مضت من خلافتك ست عشرة سنة وما رأينا خليفة بلغ اثنتين وعشرين سنة، فهبْك تبلغها فما ست سنين، قَالَ: يَا أبا عَبْد الله مَا أجد أعوانًا، قُلْتُ: علي عونك بغير مرزئة، أنت تعلم أن أبا أيوب المورياني يريد منك كل عام بيت مال، وأنا أجيئك بمن يعمل بغير رزق، آتيك بالأوزاعي تقلّده كَذَا وبالثوري تقلّده كَذَا، وأنا بينك وبين الناس أبلّغك عنهم وأبلّغهم عنك، فَقَالَ: حَتَّى أستكمل بناء بغداد، فأخْرُجُ إِلَى البصرة وأوجّه إليك. فَقَالَ لَهُ سفيان الثوري: ولِمَ ذكرتني لَهُ؟ قَالَ: واللهِ مَا أردت إلا النُّصح للأمة، ثُمَّ قَالَ لسفيان: ويل لمن دخل عليهم إذا لم يكن كبير العقل كثير الفهم كيف تكون فتنته عليهم وعلى الأمة.


١ سير أعلام النبلاء "٧/ ٦٨-٦٩".