للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي دفاتر وتوضع بين يدي المنصور، فيكثر النظرَ فيها استحسانًا لألفاظها، فَقَالَ لسليمان بْن مجالد وكان من أحظى كُتَّابه عنده: ينبغي أن تجيب الأوزاعي، قَالَ: مَا أُحسِنُ ذاك وإن لَهُ نظْمًا فِي الكتب لا أظن أحدًا من جميع الناس يقدر عَلَى إجابته عَنْهُ، وأنا أستعين بألفاظه عَلَى مَن لا يعرفها ممن نكاتبه.

وقال الحكم بْن موسى: ثنا الوليد قال: مَا كنت أحرص عَلَى السماع من الأوزاعي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام والأوزاعي إِلَى جنبه، فَقُلْتُ: يَا رسول الله عمن أحمل العلم؟ قَالَ: عَن هَذَا، وأشار؟ إِلَى الأوزاعي.

عَبْد الحميد بْن بكار عَن محمد بْن شعيب قَالَ: جلست إِلَى شيخ فِي المسجد فَقَالَ: أَنَا ميت يوم كَذَا وكذا، فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم أتيته فإذا هُوَ يتفلّى فِي الصحن فَقَالَ: مَا أخذتم النعش خذوه قبل أن تُسبقوا إِلَيْهِ قُلْتُ: مَا تقول رحمك الله؟ قَالَ: هو ما قال لك، إِنِّي رأيت طائرًا يقع عَلَى ركن هَذِهِ القبة فسمعته يَقُولُ: فلان قَدَري وفلان كذا، وعثمان ابن أَبِي العاتكة نِعْم الرجل، والأوزاعي خير من يمشي عَلَى الأرض، وأنت ميت يوم كَذَا، قَالَ: فَما جاءت الظُّهْر حَتَّى مات الرجل.

قَالَ الوليد بْن مَزْيَد: كَانَ الأوزاعي من العبادة على شيء لم يُسمع بأحد قوى عَلَيْهِ، مَا أتى عَلَيْهِ زوال قط إلا وهو قائم يصلّي. وقال مروان بْن محمد: قَالَ الأوزاعي: مَن أطال قيام الليل هوّن الله عَلَيْهِ وقوف يوم القيامة. ويُذكر عَن الأوزاعي أَنَّهُ حجّ فما اضطجع فِي المحمل أبدًا.

وقال إسحاق بْن خالد: نا أَبُو مسهر قَالَ: مَا رؤي الأوزاعي باكيًا قط، ولا ضاحكًا حَتَّى تبدو نواجذه، وكان يحيى الليل بكاءً وصلاةً. وأخبرني بعض إخوتي من أهل بيروت أن أم الأوزاعي كَانَت تدخل منزل الأوزاعي وتتفقد موضع مصلاه فنجده رطبًا من دموعه.

وقال محمد بْن الأوزاعي: قَالَ لِي أَبِي: يَا بني لو كنا نقبل من الناس كل مَا يعرضون علينا لأوشك بنا أن نهون عليهم.

وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: عليك بآثار من سلف وإنْ رَفَضَك الناسُ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت عَلَى طريق مستقيم.