للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بقية: قال لي الأوزاعي: العلم ما جاء عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما لم يجيء عَن الصحابة فليس بعلم١. وقال الوليد وبقية عَن الأوزاعي: لا يجتمع حُبّ عليّ وعثمان إلا فِي قلب مؤمن٢. وقال الأوزاعي: كتب إليّ قتادة: إنْ كَانَت الدار فرّقت بيننا وبينك فإن أُلْفَة الإسلام جامعة بين أهلها. وَقَالَ الْوَليِدُ بْن مَزْيَدٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أتيت بيروت أرابط فلقيت سوداء عند المقابر فَقُلْتُ: أين العمارة؟ قالت: أنت فِي العمارة، وإنْ أردتَ الخرابَ فبين يديك.

قَالَ أحمد بْن عَبْد الواحد: نا محمد بْن كثير عَن الأوزاعي قَالَ: وقع عندنا ببيروت رِجْلِ ٣ جراد، فذكر من عِظَمه وعِظَم الجرادة، قَالَ: وعليه خُفّان أحمران وهو يَقُولُ: "الدنيا باطل وباطل مَا فيها" ويومئ بيده، حيثما أومأ انساب الجراد، رواها عليّ بْن زيد الفرائضي عَن ابْن كثير سَمِعَ الأوزاعي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي رأى ذَلِكَ٤.

وقال أَبُو زرعة: أريدَ الأوزاعيُّ عَلَى القضاء من يزيد بْن الوليد فجلس بهم مجلسًا واحدًا وترك. عن الأوزاعي قال: من أكثر الموت كفاه اليسير ومن عرف أن منطقه من عمله قلّ كلامه.

ومن موعظة للأوزاعي يَقُولُ: كانوا بلهو الأمل آمنين فقد علمتم ما نزل بساحتهم بيتًا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم فِي ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون ينظرون فِي آثار نِقَمِه وزوال نِعَمِه، ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم، وأصبحتم بعدهم فِي أجل منقوص، ودنيا منقوصة، فِي زمان قد ولّى عفوُهُ وذهب رخاؤه، فلم يبق مِنْهُ إلا حمّة شرّ، وصبابة كدر، وأهاويل غير، وعقوبات عبر، وإرسال فتن، وتتابع زلازل، ورذالة خلف بهم ظهر الفساد، فلا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل وغرّه طول الأجل، جعلنا الله وإياكم ممن وعى وانتهى، وعقل مثواه فمهّد لنفسه.

وقال عامر بْن يسّاف: سَمِعْت الأوزاعي يَقُولُ: إذا بلغك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديث فإياك أن تقول بغيره. وقال أَبُو إسحاق الفزاري عَن الأوزاعي: كَانَ يقال: خَمْسٌ كَانَ عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة،


١ سير أعلام النبلاء "٧/ ٩٥".
٢ انظر المصدر السابق.
٣ الرجل: هي الطائفة العظيمة من الجراد.
٤ انظر سير أعلام النبلاء "٧/ ٩٦".