للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموسم الآتي، فقاموا من عنده، فلما كَانَ الموسم الآتي لم يتهيّأ المال فقالوا لَهُ: اقض أهون عليك من الخنوع وتذهب بأموال الناس، فرفع رأسه فَقَالَ: رحم الله أباكم قد كَانَ يخاف هَذَا وشبهه، ولكن الأجل بيننا وبينكم الموسم الآتي وإلا فأنتم فِي حل مما قلتم. فبينما هُوَ ذات يوم خلف المقام إذ ورد عَلَيْهِ غلام قد كَانَ هرب إِلَى الهند بعشرة آلاف درهم فأخبره أَنَّهُ اتجّر وأن معه فِي التجارات مَا لا يحصى. قَالَ سفيان: فسمعته يَقُولُ: لك الحمد سألناك خمسة آلاف فبعثت إلينا عشرة آلاف، يَا عَبْد المجيد احمل العشرة آلاف، خمسة لَهُم وخمسة للإخاء الَّذِي بيننا وبين أبيهم، فَقَالَ ابنه وقد جاء: قد دفعتها إليهم، فَقَالَ العبد: من يقبض مَا معي؟ فَقَالَ: يَا بني إنما سألناه خمسة آلاف فبعث بعشرة آلاف، أنت حر لوجه الله، وما معك فلك١.

قَالَ عَبْد العزيز: سَأَلْتُ عطاءً عَن قوم يشهدون عَلَى الناس بالشرك، فأنكر ذَلِكَ٢.

وقال عَبْد العزيز: اللهمّ مَا لم تبلغه قلوبنا من خشيتك فاغفره لنا يوم نقمتك من أعدائك.

وعن عَبْد العزيز: وسئل مَا أفضل العبادة؟ قَالَ: طول الحزن٣.

قَالَ مؤمل بْن إسماعيل: مات عَبْد العزيز فجيء بجنازته فوُضعت عند باب الصفا وجاء سفيان الثوري فَقَالَ الناس: جاء الثوري جاء الثوري، فجاء حَتَّى خرق الصفوف والناس ينظرون إِلَيْهِ، فجاوز الجنازة ولم يصلِّ عليها، وذلك أَنَّهُ كَانَ يرى الإرجاء. فقيل لسفيان، فَقَالَ: والله إِنِّي لأرى الصلاة عَلَى من هُوَ دونه عندي ولكن أردت أن أرِي الناس أَنَّهُ مات عَلَى بدعة٤.

وقال يحيى بن سليم: سَمِعْت عَبْد العزيز بْن أبي رواد يسأل هشام بن حسان في الطواف: مَا كَانَ الحسن يَقُولُ فِي الإيمان؟ قَالَ: كان يقول: قول وعمل قَالَ: فما كَانَ ابْن سيرين يَقُولُ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: {آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ} [البقرة: ٢٨٥] الآية. فقال


١ راجع سير أعلام النبلاء "٧/ ١٤٢"، وما بعدها.
٢ انظر السابق.
٣ انظر السابق.
٤ انظر السابق.