للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَلَمَّا خرج مُحَمَّد بن عَبْد الله بن حسن لزم بيته إِلَى أن قُتِل مُحَمَّد. وكان الْحَسَن بْن زَيْدُ الأمير يُجْرِي عَلَى ابْن أَبِي ذئب كل شهر خمسة دنانير.

وقد دخل مرةً عَلَى والي المدينة عَبْد الصمد وكلّمه فِي شيء. فَقَالَ عَبْد الصمد بْن علي: إِنِّي لأراك مُرائِيًا فأخذ عودًا وقال: مراء فَوَاللَّهِ للناس عندي أهون من هَذَا. ولما ولي ولاية المدينة جَعْفَر بْن سُلَيْمَان بعث إِلَى ابْن أَبِي ذئب بمائة دينار فاشترى منها ساجًا كرديًا بعشرة دنانير فلبسه عُمْرَه وقد قدم بِهِ عليهم بغداد فلم يزالوا بِهِ حَتَّى قبل منهم فأعطوه ألف دينار. يعني الدولة. فَلَمَّا رَدّ مات بالكوفة.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: بَلَغَ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَأْخُذْ بِحَدِيثِ "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ" ١ فَقَالَ: يُسْتَتَابُ مَالِكٌ فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ: هو أروع وَأَقْوَلُ بِالْحَقِّ مِنْ مَالِكٍ.

أنبأني المسلم بْن مُحَمَّد والمؤمل بْن إلياس قَالا: أَنَا الكندي أنا القزاز أن أبو بكر الخطيب أن الصيرفي أَنَا الأصم أَنَا عَبَّاس الدوري سَمِعْت يحيى يَقُولُ: ابْن أَبِي ذئب سَمِعَ عكرمة.

وبه قَالَ الخطيب: أَنَا الجوهري أَنَا ابْن المرزبان ثنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الْمَكِّيّ ثنا أَبُو العيناء قَالَ: لما حج المهدي دخل مسجد الرَّسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يبق أحد إلا قام إلا ابْن أَبِي ذئب: فَقَالَ لَهُ المسيّب بْن زهير: قم هَذَا أمير المؤمنين. فَقَالَ ابْن أَبِي ذئب: إنما يَقُومُ الناس لرب العالمين، فَقَالَ المهدي: دعه فلقد قامت كل شعرة فِي رأسي٢. وبه قَالَ أَبُو العيناء.

وقال ابْن أَبِي ذئب للمنصور: قد هلك الناس فلو أَعَنْتهم من الفَيْء. قَالَ: ويلك لولا مَا سددت من الثغور لكنت تُؤتَى فِي منزلك فتذبح. فقال: قد سدد الثغور وأعطى الناس مَنْ هُوَ خيرٌ منك عُمَر. فنكَس المنصور رأسه والسيف بيد المسيّب ثُمَّ قَالَ: هَذِا خير أَهْل الحجاز.

وقال أحمد بن حنبل وغيره: كان ثقة.


١ "حديث صحيح": أخرجه البخاري "٢٠٧٩"، ومسلم "١٥٣٢"، وأبو داود "٣٤٥٩"، والترمذي "١٢٤٦"، وغيرهم.
٢ راجع سير أعلام النبلاء "٧/ ١١٢".