للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ يُوَاصِلُ فِي صَوْمِهِ، وَيَبْقَى أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ، وَيَنْهَى عَنِ الْوِصَالِ، وَيَقُولُ: "إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي" ١.

وَكَانَ يَعْصِبُ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ٢، وَقَدْ أُتي بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ كُلِّهَا٣، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَاخْتَارَ الْآخِرَةَ عَلَيْهَا، وَكَانَ كَثِيرَ التَّبَسُّمِ، يُحِبُّ الرَّوَائِحَ الطَّيِّبَةَ. وَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ٤، يَرْضَى لِرِضَاهُ، وَيَغْضَبُ لِغَضَبِهِ.

وَكَانَ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا مُعَلِّمَ لَهُ مِنَ الْبَشَرِ، نشأ فِي بِلَادٍ جَاهِلِيَّةٍ، وَعِبَادَةِ وَثَنٍ، لَيْسُوا بِأَصْحَابِ عِلْمٍ وَلَا كُتُبٍ، فَآتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ٥.

وَكُلُّ هَذِهِ الْأَطْرَافِ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَصِحَاحٌ مَشْهُورَةٌ.

وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" ٦.


١ صحيح: أخرجه البخاري "١٩٦٢" في كتاب الصوم، باب: الوصال، ومسلم "١٠٠٢" في كتاب الصيام، باب: النهي عن الوصال، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما.
٢ صحيح: أخرجه البخاري "٤١٠١" في كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق، وأحمد "٣/ ٣٠٠"، والبيهقي في "الدلائل" "٣/ ٤١٥-٤١٧" من حديث جابر الطويل في حفر الخندق.
٣ صحيح: أخرجه البخاري "١٣٤٤" في كتاب الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه.
٤ قالته عائشة -رضي الله عنها- فيما أخرجه مسلم "٧٤٦/ ١٣٩" في كتاب صلاة المسافرين، باب: جامع صلاة الليل.
٥ سورة النجم: ٣-٤.
٦ صحيح: أخرجه النسائي "٧/ ٦١" في كتاب: عشرة النساء، باب: حب النساء، وأحمد "٣/ ١٢٨، ١٩٩، ٢٨٥"، وصححه الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" "١/ ٥٥"، والحافظ العراقي في تخريج "الإحياء" "٢/ ٣٥"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" "٣/ ٢٠، ٤٦٧"، والألباني في "صحيح الجامع" "٣١٢٤".