للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.

١٨٠- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْن هِشَامِ بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي١.

الأَمِيرُ الأُمَوِيُّ الْمَرْوَانِيُّ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ.

وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَمَلَّكَ الأَنْدَلُسَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ هَرَبَ وَانْفَلَتَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عِنْدَ اسْتِيلائِهِمْ، وَأَبْعَدَ إِلَى الْمَغْرِبِ، فَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْدَلُسِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدَّاخِلَ لَمَّا سَارَ هَارِبًا مِنْ مِصْرَ صَارَ إِلَى أَرْضِ بَرْقَةَ، فَأَقَامَ بِهَا خَمْسَ سِنِينَ، ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا يُرِيدُ الأَنْدَلُسَ، فَدَخَلَ بَدْرٌ مَوْلاهُ يَتَجَسَّسُ عَنِ الأَخْبَارِ، فَقَالَ لِلْمُضَرِيَّةِ: لَوْ وَجَدْتُمْ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الخلافة أكنتم تبايعونه؟ قالوا: وكيف لنا بذلك؟ فَقَالَ بَدْرٌ: هَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فائتوه فَبَايَعُوهُ، فَوُلِّيَ عَلَيْهِمْ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُلِّيَ ابْنُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

قَالَ: وَدُخُولُهُ الأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.

وَكَانَ يُوسُفُ الْفِهْرِيُّ أَوَّلَ مَنْ قَطَعَ الدَّعْوَةَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يَدْعُونَ لِوَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ، فَأَبْطَلَ يُوسُفُ ذَلِكَ وَدَعَا لِنَفْسِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ إِلَى الأَنْدَلُسِ قَاتَلَ يُوسُفَ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلادِ.

قُلْتُ: وَبَقِيَ مُلْكُ الأَنْدَلُسِ بِأَيْدِي أَوْلادِهِ إِلَى رَأْسِ الأَرْبَعِمِائَةِ، وَبَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُعَاوِيَةَ لَمَّا توجه إلى يوسف الفهري عدا إِلَى الْجَزِيرَةِ فَنَزَلَهَا، فَاتَّبَعَهُ أَهْلُهَا، فَمَضَى فِي عَسْكَرٍ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، فَأَطَاعَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ مَضَى إِلَى قُرْطُبَةَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَكَانَ كُلَّمَا قَصَدَ مَدِينَةً بَايَعُوهُ. فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ

الْعَسَاكِرَ قَدْ أَظَلَّتْهُ هَرَبَ إِلَى دَارِ الشِّرْكِ، فَتَحَصَّنَ هُنَاكَ، فَغَزَاهُ فِيمَا بَعْدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدَّاخِلُ، فَوَقَعَتْ نَفْرَةٌ فِي عَسْكَرِهِ فَانْهَزَمَ، وَرَجَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مُظَفَّرًا مَنْصُورًا، وَجَعَلَ لِمَنْ يَأْتِيهِ بِرَأْسِ يُوسُفَ مَالا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ خَاصَّةِ يُوسُفَ بِرَأْسِهِ.


١ انظر العقد الفريد "٤/ ٤٨٨، ٤٨٩"، وسير أعلام النبلاء "٨/ ٢١٧-٢٢٥"، ومرآة الجنان "١/ ٣٦٨".