للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أماكن. وعمل خمس حرّاقات عَلَى خِلْقة الأسد والفيل والعُقاب والحيّة والفَرَس، وأنفق في عملها أموالا. فقال أبو نُواس:

سَخَّر الله للأمين مطايا ... لم تُسخَّر لصاحب المحرابِ

فإذا ما رِكابُه سِرْنَ برًّا ... سار في الماء راكبًا ليث غابِ

أسدًا باسِطًا ذراعيه يهوي ... أهْرَتَ الشَّدْق١ كالحَ الأنيابِ

وعن الحسين بْن الضّحّاك قَالَ: ابتنى الأمين سقيفةً عظيمة، أنفق في عملها نحو ثلاثة آلاف ألف درهم.

وعن أحمد بْن محمد البرمكيّ، أنّ إبراهيم بْن المهديّ غنّي محمد بْن زُبيدة:

هجرتُكِ حتى قلتِ: لا يعرف الهوى ... وزُرْتك حتى قِيلَ: لَيْسَ لَهُ صبرُ

فطرِب محمد وقال: أوقِروا لَهُ زَورقه ذَهَبًا.

وجاء عَنْهُ أخبار في مثل هذا، وكان كثير الأكل.

رجاء ابن حنبل الرحمة للأمين:

قَالَ أحْمَد بْن حنبل: إنّي لأرجو أن يرحم الله الأمين بإنكاره عَلَى إسماعيل بن عُلَيَّة، فإنّه أُدخل عَلَيْهِ فقال لَهُ: يا ابنَ الفاعلة، أنت الَّذِي تَقُولُ: كلام الله مخلوق؟!.

استيلاء ابن بَيْهَس عَلَى دمشق:

وفيها قوي محمد بْن صالح بْن بَيْهَس الكلابيّ، وظهر عَلَى السُّفيانيّ الَّذِي خرج بدمشق، وحاصرها، ثمّ نصب عليها السلالم وتسوّرها٢ أصحابه.

وكان قد تغلّب عَلَى دمشق مَسْلَمة بْن يعقوب الأُمويّ، فهربَ وعمد إلى أَبِي العُمَيْطِر، وكان في حبْسه، ففكّ قيده، ثمّ خرجا بزيّ النّساء في السرّ إلى المِزَّة. واستولى ابن بَيْهَس عَلَى البلد. ثمّ جرى بينه وبين أهل المزرة ودَارَيّا حرب. وبقي حاكمًا عَلَى دمشق مدّة مِن جهة المأمون إلى سنة ثمانٍ ومائتين.


١ الشدق: جانب الفم مما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين، لدلالتها على جهارة الصوت. المعجم الوجيز "ص/ ٣٣٨".
٢ تسورها: علاها وتسلقها.