للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليّ بْن خَشْرم: نا وكيع، عَنْ إسماعيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ عَبْد الله البهيّ، أنّ أبا بَكْر الصديق جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وفاته، فأكبّ عَليْهِ فقبّله وقال: بأبي أنت وأميّ، ما أطيب حياتك ومماتك١.

ثمّ قَالَ البهيّ: وكان النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُرِك يومًا وليلة حتى ربَا بطنُه، وأنثنت خِنْصراه.

قَالَ ابن خشرم: فلمّا حدّث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صَلْبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عُيَيْنَة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.

قَالَ: ولم أكن سمعته، إلا أنّي أردت تخليص وكيع.

قَالَ ابن خشرم: سمعته مِن وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجّبت مِن جسارته.

وأُخْبِرتُ أنّ وكيعًا احتجّ فقال: إنّ عِدّةً مِن الصحابة منهم عُمَر قَالُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يمت، فأحبّ الله أن يُريهم آية الموت.

رواها أحمد بْن محمد بْن عليّ بْن رَزِين الباشانيّ، عَنْ عليّ بْن خشرم.

ورواها قُتَيْبة، عَنْ وكيع.

وَهَذِهِ هفوة مِن وكيع، كادت تَذهب فيها نفسه. فما لَهُ ولرواية هذا الخبر المنكرَ المنقطع؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"٢.

ولولا أنّ الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم لتركتها وَلَمَا ذكرتها، ولكنْ فيها عِبرة.

قَالَ الفَسويّ في تاريخه: وفي هذه السَّنَةِ حدَّث وكيع بمكة عَنْ إسماعيل، عَنِ البهيّ، وذكر الحديث.

قَالَ: فرُفِع إلى العثماني فحبَسه، وعزم عَلَى قتله، ونُصِبت خشبته خارج الحرم. وبلغ وكيعًا وهو محبوس.

قَالَ الحارث بْن صِدّيق: فدخلت عَليْهِ لمّا بلغني، وقد سَبقَ إليه الخبر.


١ "حديث صحيح": أخرجه البخاري "١٣٤١"، "١٣٤٢"، والنسائي "٤/ ١١"، وأحمد "٦/ ٢٢٠".
٢ "حديث صحيح": وأخرجه مسلم "المقدمة/ ٥"، وابن أبي شيبة "٨/ ٤٠٨"، وأبو داود "٤٩٩٢".