للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وكان بينه وبين سُفْيان بْن عُيَيْنَة يومئذ تَبَاعد فقال: ما أرانا إلا قد اضطُّررنا إلى هذا الرجل واحتجْنا إليه، يعني سُفْيان.

فقلت: دعْ هذا عنك، فإنْ لم يُدرك قُتِلْتَ.

فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سُفْيان عَلَى العثمانيّ فكلّمه فيه. والعثماني يأبى عَليْهِ، فقال لَهُ سُفْيان: إنّي لك ناصحُ. إنّ هذا رجل مِن أهل العِلْم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فَتُشخَص لمناظرتهم.

قَالَ: فعمل فيه كلام سُفْيان، وأمر بإطلاقه. فرجِعتُ إلى وكيع فأخبرته. وأُخرِجَ، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر.

فدخلت عَلَى العثمانيّ مِن الغد وقلت: الحمد لله الَّذِي لم تُبْلَ بهذا الرجل، وسلَّمك الله.

قَالَ: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تخيلته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جَابِر بْن عبد الله قَالَ: حوّلت أَبِي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رِطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء١.

قَالَ الفسويّ: فسمعت سَعِيد بْن منصور يَقُولُ: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكّة، إلى أهل المدينة بالذي كَانَ مِن وكيع، وقالوا: إذا قِدم عليكم فلا تتّكلوا عَلَى الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.

قَالَ: ففرضوا عليَّ ذَلِكَ، وبلَغنا الَّذِي هُمْ عَليْهِ. فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عَنْ طريق الرَّبَذَة، وكان قد جاور مفرق الطريقين. فلمّا أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة.

وقد ساق ابن عدي هذه الواقعة في ترجمة عَبْد المجيد بن أَبِي روّاد، ونقل أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أفتى بقتل وكيع.

وقال: أَخْبَرَنَا محمد بْن عيسى المَرْوَزِيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبو عيسى محمد، نا العبّاس بنُ مُصْعَب، نا قُتَيْبة، نا وكيع، نا ابن أَبِي خَالِد، فساق الحديث.

ثمّ قَالَ قُتَيْبة: حدَّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد


١ المعرفة "١/ ١٧٥، ١٧٦" للفسوي.