للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَخَطَّفَنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ". قَالَ: فَهَزَمَهُمْ. فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ قَدْ بَدَتْ١ خَلَاخِيلُهُنَّ وَسُوقُهُنَّ رَافِعَاتٍ ثِيَابَهُنَّ. فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْغَنِيمَةَ، أَيْ قَوْمَ، الْغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَهُمْ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: لَنَأْتِينَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ. فَأَتَوْهُمْ فَصُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ. فَلَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا. فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ.

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانُ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَنَهَاهُمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ يُجِيبُوهُ. ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ ثَلَاثًا. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا. فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ أَمُرَّ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي. ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلُ، اعْلُ هُبَلُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ".

ثُمَّ قَالَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ؛ فَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَشِيَهُ الْقَوْمُ: "مَنْ رَجُلٍ يَشْرِي مِنَّا نَفْسَهُ"؟ فَقَامَ زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ؛ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادِ بْنِ السَّكَنِ، فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلٌ ثُمَّ رَجُلٌ يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى كَانَ آخِرُهُمْ زِيَادًا أَوْ عُمَارَةَ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ. ثُمَّ فَاءَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ فَأَجْهَضُوهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أدنوه


١ بدت. ظهرت.
٢ أخرجه البخاري في "المغازي" باب "غزوة أحد" "٧/ ٤٠٤٣"، وأحمد في "المسند" "٤/ ٢٩٣"، وغيرهما.