للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: بل أنت تكذب. وقيل إنه قال له: يا صبي. وقيل إنه كان يقول عن الواثق إذا خلا: فعل هذا الخنزير. وقال: هذا الكافر. وبلغ ذلك للواثق، وخاف أيضًا من خروجه، فقتله بحجّة خلْق القرآن، ليومين بقيا من شعبان. وكان شيخًا أبيض الرأس واللّحية، وكان في سنة إحدى وثلاثين. قال أحمد بْن كامل القاضي أخبرني أبي أنّه رآه، وأخبرني أنّه وُكّل بالرأس من يحفظه، وأن الموكل به ذكر أنه يراه في الليل يستدبر إلى القبلة بوجهه، فيقرأ سورة ياسين بلسانٍ طَلِق.

وأنّه لَمَّا أخبر بذلك طُلِبَ فخاف وهرب. قلتُ: هذه حكاية لا يصح إسنادها. وَرُوِيَ نحوها بإسنادٍ فيه عثمان بْن محمد العثماني، وهو ثقة. وقال أبو العباس السَّرّاج: سمعتُ يعقوب بْن يوسف المطوّعيّ، وهو ثقة، يقول: لمّا جيء بالرأس نصبوهُ على الْجِسْر، فكانت الرّيحُ تُديره قِبَلَ القِبْلة، فأقعدوا له رجلًا معه قصب أو رُمح، فكان إذا دار نحو القبلة أداره إلى خلاف القِبلة.

وقال السّرّاج: سمعتُ خَلَف بْن سالِم يقول بعدما قُتِلَ أحمد بْن نصر وقيل له: ألا تسمع ما النّاس فيه يا أبا محمد يقولون: إنّ رأس أحمد بْن نصر يقرأ؟ قال: كان رأس يحيى بْن زكريّا يقرأ.

وقال السّرّاج: سمعتُ عبد اللَّه بْن محمد يقول: ثنا إبراهيم بْن الحَسَن قال: رأى بعضُ أصحابنا أحمد بْن نصر في النَّوم فقال: ما فعل بك ربك؟ قلتُ: ما كانت إلا غفوة حتّى لقيتُ اللَّه، فضَحِكَ إليَّ. وقال رجلُ اسمه محمد بْن عُبَيْد: رأيتُ أحمد بْن نصر، فقلتُ: ما صنع اللَّهُ بِكَ؟ قال: غضبتُ له فأباحني النّظر إلى وجهه. قال الخطيبُ: لَم يزل الرأس منصوبًا ببغداد، والجسد مصلوبًا "بسُرَّ من رأى"١ ستّ سنين، إلى أن أُنزِلَ وجُمِع، فدُفن بالجانب الشرقيّ. وقال غيره: دُفِن في شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين -رضي اللَّه عنه.

٢٧- أحمد بْن أبي نافع المُرّيّ الموْصليّ٢ عن المعافى بن عمران، وعفيف بن سالم. وعنه: أبو عبد الله الدّعّاء. تُوُفِّيَ سنة خمس وثلاثين. وهّاه أبو يَعْلَى المَوْصِليُّ. له مناكير. وروى عنه عليّ بْن الحسين بْن الْجُنَيْد. كنيته أبو سلمة.


١ بلدة بالعراق.
٢ انظر الجرح والتعديل "٢/ ٧٩"، والثقات لابن حبان "٨/ ١٧"، والكامل لابن عدي "١/ ١٧٣"، وميزان الاعتدال للمصنف "١/ ١٦٠".