للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرها، وأوجب رَفْع اليدين فِي تكبيرة الإحرام كداود الظَّاهريّ، وكان بعض العلماء يُشَبِّهه فِي زمانه بابن الْمُبَارَك عِلْمًا وفضلًا.

تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة ثمانٍ وستّين، وقد استكمل سبعين سنة.

١١ - أَحْمَد بْن طولون. الأمير أبو العبّاس التُّركيّ١، صاحب مصر، وُلِد بسامرّاء.

ويقال: إنّ طولون تبنّاه، وكان ظاهر النّجابة من صِغره. وكان طولون قد أهداه نوح عامل بخارى إِلَى المأمون فِي جملة غلمان، وذلك فِي سنة مائتين.

فمات طولون فِي سنة أربعين ومائتين، ونشأ ابنه على مذهبٍ جميلٍ فحفظ القرآن وأتْقنه. وكان مِن أطيب النّاس صوتًا به، مع كثرة الدّرس وطلب العلم.

وحصل وتنقلت به الأحوال إلى أن ولي إمرة الثغور، وولي إمرة دمشق وديار مصر. وأوّل دخوله مصر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين وعمره أربعون سنة، فملكها بضع عشرة سنة.

وبَلَغَنا أنّه خلّف من الذَّهب الأحمر عشرة آلاف ألف دينار، وأربعة وعشرين ألف مملوك.

ويقال إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولدًا ذكورًا وإناثًا، وستمّائة بغل ثقل وقيل: إنّ خراج مصر بلغ فِي العام فِي أيّامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار.

وكان شجاعًا حازمًا مهيبًا خليقًا للمُلْك، جوادًا ممدَّحًا. وَقِيلَ: بلغت نفقته كلّ يوم ألف دينار. إلّا أنه كان سفّاكًا للدّماء، ذا سطوةٍ وجَبَرُوت.

قَالَ القُضاعيّ: أُحْصِيَ مَن قتله صبْرًا، فكان جملتهم مع من مات فِي سجنه ثمانية عشر ألفًا.

وأنشأ الجامع المشهور، وغرِم على بنائه أكثر من مائة ألف دينار. وكان الخليفة مشغولًا عَنْهُ بحرب الزَّنج.

وكان فيما قَيِل حسَّن له بعض التّجّار التّجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار،


١ البداية "١١/ ٤٢-٤٧"، السير "١٣/ ٩٤".