وسمعت محمد بْن يعقوب يقول: أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ هاربًا من نَيْسابور، فَلَمَّا خشي أهلُها رجوعَه اجتمعوا على باب حَيْكان يسألونه القيام لمنع الخُجُسْتانيّ، فامتنع. فَمَا زالوا به حَتَّى أجابهم. فعرضوا عليه زُهاء عشرة آلاف. ولمّا رجع الخُجُسْتانيّ تفرّقوا عن حَيْكان، فطُلِبَ، فخاف وهرب، فبينا هُوَ يسير فِي قافلة بين الحمّالين وهو بزيِّهم إذ عُرِف. فأخذ وأتوا به إلى الخُجُسْتانيّ، فحبسه أيّامًا، ثُمَّ غُيِّب شخصهُ، فَقِيلَ: إنّه بنى عليه جدارًا، وقِيلَ: قتله سرًّا.
سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن يزيد خَتن حَيْكان على ابنته يقول: دخلنا على أبي زكريّا بعد أن رُدّ من الطريق فقال: اشتراك فِي دمي خمسة: العبّاسان، وابن ياسين، وشِيرَوَيْه، وأحمد بْن نصر اللّبّاد.
سمعت أَبَا بَكْر الضُّبعيّ يقول: سمعت نوح بن أَحْمَد: سمعت الخجستانيّ يقول: دخلت على حيكان في مجلسه على أن أضربه خشبتين وأطبقه، فلما قربت منه قبضت على لحيته، فعض على خصيتي حتى لم أشك أنّه قاتلي، فَذَكَرْت سِكِّينًا فِي خُفّي، فجررتها وشَقَقْتُ بطْنه١.
سَمِعْتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: حضرنا الإملاء عند يحيى بن محمد بن رمضان، وقُتِل فِي شوّال سنة سبعٍ وستّين، فَرَبَضَتْ مجالسُ الحديث، وخبئِّت المحابر، حَتَّى لم يقدر أحد يمشي بمحبرة ولا كراريس إِلَى سنة سبعين، فاحتال أبو سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل فِي ورود السَّريّ بْن خُزَيْمَة وعقد له مجلس الإملاء، وعلَّى المحبرة بيده، واجتمع عنده خلقٌ عظيم حَتَّى حضر ذلك المجلس.
قَالَ محمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء: حَتَّى لا نستطيع أن نسايره نَحْنُ ولا أعقابنا أنّ رجلًا جعل نحره لنا ونحن مطمئنون نعبد الله.
قَالَ صالح بْن محمد الحافظ فِي كتابه إِلَى أبي حاتم الرَّازيّ: كتبت تسألني عن أحوال أَهْل العلم بنَيْسابور وما بقي لهم من الإسناد فاعلم أنّ أخبار الدّين وعلم الحديث دون سائر العلوم اليوم مطروح مجفوّ حاله وأهل العناية به فِي شغل بالفِتَن الّتي دَهَمَتْهم وتواترت عليهم عند مقتل أَبِي زكريا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، وقد