وكان فِي المسجد طائفة من النّاس يُنْكِرون على أَهْل المحبّةِ لمّا يبلغهم من التّخليط، وكانوا أهل حديث، وكلّهم يستملي أَبَا حاتم ويُعْجبه كلامه لرقَّته، ولقَوْله بالسُّنّة ومخالفته الغسّانيّة.
وكانوا يميلون إليه هُوَ وعبد الجبار السُّلميّ، والحسن بْن المُثَنَّى، وأحمد بن أبي عُمَر، وابن أبي عاصم، والْجُذُوعيّ. كلّ هَؤُلَاء صوفيّة المسجد من أَهْل السَّنة والحديث يتحلَّون النُّسك والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر. وكان لهم بالبلد قدرٌ وهَيْبة.
وقَالَ السُّلميّ: كان أبو حاتم العطّار أستاذ الْجُنَيْد وأبي سَعِيد الخرّاز.
وكان من جِلّة مشايخهم، مِن أقران أبي تراب النَّخشبيّ. وهو أول من تكلّم بالعراق فِي علوم الإشارات.
وعن محمد بْن وهْب قَالَ: دخلت البصرة أَنَا ويعقوب الزَّيَّات، فأتينا أَبَا حاتم العطّار، فدقَقْنا الباب، فقال: من هَذَا؟ قلت: رَجُل يقول الله.
فخرج ووضع خدّه على الأرض، وقَالَ: بقي مَن يُحْسِن يقول الله!
١٩٠- أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصوفيّ١.
أحد الكبار، اسمه محمد بْن إِبْرَاهِيم.
تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين. قاله أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ.
تحوَّل ترجمته إِلَى هنا من بعد الثمانين.
ومن أخباره: قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ طبقات النُّسَّاك: قدم أبو حَمْزَةَ من طَرَسُوس إِلَى بغداد، فجلس واجتمع إليه النّاس. وما زال مقبولًا حَسَن الظّاهر والمنزلة إِلَى أن تُوُفيّ. وحضر جنازته أَهْل العلم والنُّسك. وصلّى عليه بعض بنبه، وغسّله جماعة من بني هاشم.