للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على اليمين، فَلَمَّا سلّم قَالَ: في أي شيء فكرت؟ فما زال بي حَتَّى أخبرته. فَقَالَ: وعندك أني أعطيك سبعين ألفًا في القمار؟ قلت له: فتضعوا؟ قَالَ: نعم، قم ولا تفكر في هَذَا.

ثُمَّ قام يصلي، فندمت ولُمت نفسي لكوني أعلمته، فَلَمَّا فرغ من صلاته قَالَ: أصدقني على الفكر الثاني؛ فصدقته. فَقَالَ: أما القمار فقد قُلْتُ إني ضغوت، ولكن أهب لك من مالي سبعين ألفًا. فقبلت يده وقبضت المال.

وَقَالَ ابن المحسن التنوخي، عن أبيه: رأيت المُعْتَضِد وعليه قباء اصفر، وكنت صبيًا، وكان خرج إلى قتال وصيف بطرسوس.

وعن خفيف السَّمَرْقَنْدِيّ قَالَ: خرجت مع المُعْتَضِد للصيد، وقد انقطع عنا العسكر، فخرج علينا أسد فَقَالَ: يا خفيف أفيك خير؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: ولا تُمسك فرسي؟ قُلْتُ: بلى.

فنزل وتحزم وسل سيفه وقصد الأسد، فقصده الأسد، فتلقاه المُعْتَضِد بسيفه قطع يده، فتشاغل الأسد بها، فضربه ففلق هامته، ومسح بسيفه في صوفته وركب.

قَالَ: وصحبته إلى أن مات، فما سمعته يذكر ذَلِكَ لقلة احتفاله بما صنع.

قُلْتُ: وكان المُعْتَضِد يبخل ويجمع المال، وقد ولي حرب الزنج وظفر بهم، وفي أيامه سكنت الفتن لفرط هيبته.

وكان غلامه بدر على شرطته، وعبيد الله بن سُلَيْمَان على وزارته، وَمحمد بن سياه على حرسه، وكانت أيامه أيامًا طيبة كثيرة الأمن والرخاء. وكان قد أسقط المكوس، ونشر العدل، ورفع الظلم عن الرعية.

وكان يُسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العَبَّاس، وكان قد خلق وضعف وكاد يزول.

وكان في اضطراب من وقت موت المتوكل.

وبلغنا أَنَّهُ أنشأ قصرًا أنفق عليه أربعمائة ألف دينار. وكان مزاجه قد تغير من كثرة إفراطه في الجماع وعدم الحمية بحيث أَنَّهُ أكل في علته زيتونًا وسمكًا.

ومن عجيب ما ذكر المسعودي إن صح قَالَ: شكوا في موت المُعْتَضِد، فقدم