للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطبيب فجس نبضه، ففتح عينه ورفس الطبيب برجله فدحاه أذرعًا، فمات الطبيب، ثُمَّ مات المُعْتَضِد من ساعته.

وعن وصيف الخادم قَالَ: سَمِعْتُ المُعْتَضِد يَقُولُ عند موته:

تَمَتَّع من الدُّنْيَا فَإِنَّك لا تبقى ... وَخُذْ صفوها ما إن صفت ودع الرَّنْقا

ولا تأمننَّ الدَّهْر إني أمنتُهُ ... فلم يُبق لي حالًا ولم يَرْع لي حقّا

قتلت صناديدَ الرِّجال فلم أدَعْ ... عدوًا ولم أُمهل على ظِنة خلقا

وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتتهم غربًا ومزَّقْتُهم شرقا

فَلَمَّا بلغتُ النَّجم عِزًّا ورِفعةً ... ودانت رقابُ الخلقِ أجمعٍ لي رقّا

رماني الرَّدَى سهمًا فأخمد جمرتي ... فها أنذا في حُفْرتي عاجلًا مُلْقى

فأفسدت ديني ودُنْيَاي سفاهةً ... فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى

فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى نعمة الله أم ناره ألقى

وَقَالَ الصولي: ومن شعر المُعْتَضِد:

يا لاحظي بالفتور والدعج ... وقاتلي بالدلال والغنج

أشكو إليك الذي لقيت من الـ ... ـوجد فهل لي إليك من فرج

حللت بالظرف والجمال من النْـ ... ـنَاس محل العيون والمهج

ذكر المُعْتَضِد من تاريخ الخطبي:

قَالَ: كان أبو العَبَّاس محبوسًا، فَلَمَّا اشتدت علة أبيه الموفق عمد غلمان أبي العَبَّاس فأخرجوه بلا إذن، فأدخلوه عليه، فَلَمَّا رآه أيقن بالموت.

قَالَ: فبلغني أَنَّهُ قَالَ: لهذا اليوم خبأتك، وفوض الأمور إليه.

وضم إليه، وخلع عليه قبل موته بثلاثة أيام.

قَالَ: وكان أبو العَبَّاس شهما جلدًا رجلًا بازلًا، موصوفًا بالرجولة والجزالة، قد لقي الحروب وعُرف فضله، فقام بالأمر أحسن قيام، وهابه النَّاس ورهبوه أعظم رهبة. وعقد له المعتمد العقد أَنَّهُ مكان أبيه، وأجرى أمره عَلَى ما كَانَ أَبُوهُ الموفق