للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو بكر الأزدي.

عن: بشر بن الوليد، وإسحاق بن أبي إسرائيل.

وعنه: الطستي، والطبراني، وجماعة.

١٠٦- إبراهيم بن أحمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب١.

أبو إسحاق التميمي الأغلبي أمير القيروان وابن أُمرائها، ولي الإمرة سنة إحدى وستين ومائتين، وكان عادلا سائسا حازما صارما، كانت التجارة تسير من مصر إلى سبتة لا تُعَارض ولا تُرّوع، ابتنى الحصون والمحارس على سواحل البحر، بحيث كانت توقد النيران في لَيْلَةٍ واحدة من سبتة إلى الإسكندرية؛ حَتَّى يُقَالُ: كان بأرض المغرب من بنائه وبناء آبائه ثلاثون ألف حصانًا، وهذا شيء لم يسمع بمثله لملك. وقد قصد سوسة وعمل لهم سوارًا؛ وأقام في المُلك بضعًا وعشرين سنة.

وقد دُونت سيرته وأيامه وعدله وبذله وجوده، وكان مصدقًا للعدل وإنصاف الرعية، معتنيًا بذلك. فَقِيلَ إن امرأة تاجر اتصل خبرُ جمالها بوزيره، فأرسل الوزير إليها فأبت، فكلف بها، وبثّ أمره إلى عجوزٍ تغشاه، وكانت حظّية عند الأمير إِبْرَاهِيم وعند أمه يتبرّكون بها، ويطلبون منها الدُّعاء؛ فَقَالَتْ: أنا أقضي الشُّغل. وقصدت المرأة فدقَّت بابها، ففتحت لها الجارية، وكانت العجوز مشهورة في البلد، فتلقتها المرأة وقبّلت يدها، وقدّمت لها شيئًا. فَقَالَتْ: أنا على نيّة، ويكون وقتًا آخر. وإنما أصابت إزاري نجاسة فأريد غسلها.

فأحضرت الطست والصابون، وغسّلت طرفه بنفسها. وقامت العجوز تصلّى حَتَّى نشف ولبسته وذهبت.

ثُمَّ تردّدت إليها وتأكدت المعرفة، فَقَالَتْ لها: عندي يتيمة أريد عرسها الليلة، فإن خف عليك تعيريها حليك؟ قَالَتْ: يا حبّذا. وأعطتها حُقّ الحلي. فانصرفت. وجاءت بعد أيام فَقَالَتْ: يا أمي وأين الحلي؟ قَالَتْ: عبرت إلى فلان وَهُوَ معي، فَلَمَّا علم أَنَّهُ لك أخذه مني وحلف أن لا يسلمّه إِلا إليك.

قَالَتْ: لا تفعلي.


١ الولاة والقضاة للكندي "٢٢٢"، سير أعلام النبلاء "١٣/ ٤٨٧-٤٨٩".