للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَتْ: هَذَا الذي تم. ومضت، فاشتد على المرأة البلاء، وبقيت تتقلى. فَلَمَّا دخل زوجها رأى الضُّرّ في وجهها، فسألها فأعلمته القصة، فاشتد بلاؤه، ثُمَّ أنهى أمره إلى الأمير إِبْرَاهِيم، وقصّ عليه القصة، فتغيّر لِذَلِكَ، وَقَالَ: أكتُم هَذَا، وائتني بعد يومين. ثُمَّ دخل إلى أمه، وطلب منها العجوز، فحضرت، فاحترمها ووانسها، ووضع رأسه في حجرها، وأخذ يتمسّح بها، وأخذ خاتمها وجعل يقلّبه ويشاغلها، ودعا خادمًا وكلّمه بالصَّقْلبية: امضي إلى دار العجوز، وقل لبنتها: أمك تَقُولُ لك: هاتي حُقّ الحلي، فقد طلبت أم الأمير أن تعمل لها مثله، وَهَذَا خاتمها. فمضى الخادم، وجاء لوقته بالحُقّ. فنظر الأمير فيه فوجده كما وصف الرجل، وتغيّرت العجوز واعترفت، فطلب الفئوس والمجارف وحفر في الحال حفرة، فألقيت العجوز فيها، وصاحت أمه، فقال: لئن لم تسكني لأُلحقنك بها، تُدخلين إلى قصري قوّادة! وجاء الرجل للموعد، فأعطاه الحق وزاده من حلي أهله، وَقَالَ: ما منعني من معاجلة الوزير إِلا خوف شُهرة أهلك، وأنا أفكر في هلاكه بوجه.

ثُمَّ قتله بعد قليل.

وعن بعضهم قَالَ: قدمت سجلماسة لألحق الرفقة إلى مصر، وكان معي ثلاثة ألاف دينار، فخرجت من القَيْرُوَان مسرعًا حَتَّى دخلت قابس، فَلَمَّا سرت عنها فرسخًا لقيني سبعة فوراس، فأنزلوني، فأخذوا الخرج، وقتلوا الغلام، وأضجعوني للذبح، فتضرعت إليهم وَقُلْتُ: غريب ولا أعرفكم فأطلبكم، وقد أخذتم الذهب، وخلفي أطفال، فأطلقوني لله. وبكيت، فأطلقوني، فرجعت إلى قابس، فما عرفت بها أحدًا، فذهبت إلى القَيْرُوَان راجلًا عُريانًا، فأتيت صديقًا لي، فأصلح شأني وَقَالَ: أعْلِم الأمير.

فقصدناه وَهُوَ جالس للناس، فقصصت عليه شأني، فتنمر، وأمرني بالجلوس، ثُمَّ رأيته يأمر وينهى، فَلَمَّا قام أمر بعض الخدم فأدخلني القصر، وبعث إليَّ طعامًا، ثُمَّ نمت، ثُمَّ طلبني قبل العصر إلى رَوْشَنة، ودعا أمير الجيش فَقَالَ: هل وجّهت إلى طرابلس بخيل؟ قَالَ: نعم، سبعة فوارس وقد عادوا.

قَالَ: فطلبهم وَقَالَ: من تعرف من هَؤُلاءِ فعرّفني به؟ فَقُلْتُ: هَذَا منه، إلى أن جمع السبعة.