للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا عُوتب قال: أنا أريد أن أعرف مذاهبهم؛ ثمّ كاشَف وناظر، وصنَّف في الزَّنْدقة١، لعنه الله.

قال الإمام أبو الفرج بن الْجَوْزيّ: كنت أسمع عنه بالعظائم، حتّى رأيت له ما لم يخطر مثله على قلب، وَوَقَعَتْ إليَّ كُتُبُه، فمنها كتاب "نَعْت الحكمة"، وكتاب "قضيب الذَّهَب"، وكتاب "الزُّمُرُّدة"، وكتاب "الدّامغ"، الذي نقضه عليه أبو عليّ محمد بن إبراهيم الْجُبَّائيّ؛ ونقض عليه أبو الحسين عبد الرّحيم بن محمد الخيّاط كتاب "الزُّمُرُّدَة". قال ابن عقيل: عجِبْتُ كيف لم يُقتل وقد صنّف "الدّامغ" فدمغ به القرآن "والزُّمُرُّدَة" يُزْري فيه على النُّبُوّات.

قال ابن الجوزي: نظرت في "الزُّمُرُّدَة" فرأيت له فيه من الهَذَيان البارد الذي لا يتعلّق بشُبْهة. يقول فيه: إنّ كلام أَكْثَم بن صيفيّ فيه شيء أحسن ممّا في سورة "الكَوْثر". وإنّ الأنبياء وقعوا بطَلْسَمَات.

وقد وضع كتابًا٢ لليهود والنَّصارى يحتجّ لهم في إبطال نُبُوَّة نبينا -صلى الله عليه وسلم٣.

وقال أبو عليّ الْجُبّائيّ: كان السّلطان قد طلب أبو عيسى الورّاق، وابن الراوندي، فأمّا الورّاق فحُبس حتى مات، وهرب ابن الراوَنْديّ إلى ابن لاوي اليهوديّ، ووضع له كتاب "الدّامغ" يطعن به على القرآن، وعلى النبي -صلى الله عليه وسلم. ثمّ لم يلبث إلا أيّامًا حتّى مرض ومات إلى اللّعنة٤. وعاش أكثر من ثمانين سنة.

وكان ابن عقيل عاش ستًّا وثلاثين سنة.

قلت: وقد سرد ابن الجوزيّ من زِنْدقيّته أكثر من ثلاث ورقاتٍ، صَدَفَ هذا الكتاب عنها. ثمّ رأيت ترجمته في تاريخه فقال: أبو الحسين بن الرَّاوَنْديّ المتكلم من أهل مَرْوِ الرُّوذ، سكن وكان من متكلّمي المعتزِلة، ثمّ فارقهم وتزندق.

وقيل: كان أبوه يهوديا، فأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول، لبعض المسلمين:


١ المنتظم "٦/ ٩٩".
٢ في الأصل "كتاب".
٣ المنتظم "٦/ ١٠١".
٤ المنتظم "٦/ ١٠٢".