للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن مجاهد المقرئ: قال لي ثعلب: أشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأشتغل أهل الفِقْه بالفقه ففازوا، واشتغلتُ أنا بزيدٍ وعَمْرو، فليت شعري، ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لي: أَقْرِئ أبا العباس عني السّلام، وقل له: إنّه صاحب العلم المستطيل.

قال القفطي: كان ثعلب يدرس كُتُب الكِسائيّ والفراء درسًا، فلم يكن يدري مذهب البصريّين، ولا كان مستخرجًا للقياس، ولا طالبًا له، بل ينقل. فإذا سُئل عن الحُجَّة لم يأتِ بشيء.

وعن الرِّياشيّ -وَسُئِلَ لما رجع من بغداد- فقال: ما رأيت أعلم من الغلام المنيز، يعني ثعلبًا.

وحكى أبو عليّ الدِّينَوَرِيّ خَتَن ثعلب أنّ المبرِّد كان أعلم بكتاب سِيبَوَيْه من ثعلب؛ لأنّه قرأه على العُلماء، وثعلب قرأه على نفسه.

وقيل: إنّ ثعلبًا كان بخيلًا١. وخلف ثلاثة آلاف دينار، ومُلْكًا بثلاثة آلاف دينار. وكان قد صحِب محمد بن عبد الله بن طاهر، وعلَّم ابنه طاهرًا، فرتَّب له ألف درهم في كلّ شهر.

وله من الكُتُب: كتاب "الفصيح"؛ كتاب "المصون"؛ كتاب "أخلاق النَّحْويّين"؛ كتاب "معاني القرآن"؛ كتاب "ما يَلْحَن فيه العامّة"؛ كتاب "القراءات" كتاب "معاني الشعر" كتاب التصغير كتاب "ما لا ينصرف"؛ كتاب "الأمثال"؛ كتاب "الوقف والابتداء"؛ كتاب "إعراب القرآن"؛ وأشياء أخرى.

وطال عُمره وأصمّ، فرجع يومًا من الجامع مع أصحابه، فصدمته دابّةٌ، فوقع في حُفْرة، فلم يقدر على القيام، وحُمل إلى بيته يتأوّه من رأسه ومات منها في جُمَادَى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين.

٨١- أحمد بن يحيى بن إسحاق الرَّاوَنْديّ الملحِد٢.

صاحب الزَّندَقة. كان حيًّا إلى حدود الثلاثمائة. وكان يلازم الرافضة والملحدة،


١ في الأصل "بخيل".
٢ سير أعلام النبلاء "١٤/ ٥٩"، والبداية والنهاية "١١/ ١١٢"، المنتظم "٦/ ٩٩-١٠٥".