للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيلة الصّالحين١.

قَالَ الحاكم: أخبرني سعيد بن عثمان السَّمَرْقَنْديّ العابد: سمعت أبا عثمان غير مرّة يقول: مَن طلب جِوَاري، ولم يوطّن نفسه على ثلاثة أشياء، فليس له في جواري موضع.

أولها: إلقاء العزّ، وَحَمْلُ الذُّلّ.

الثاني: سكون قلبه على جوع ثلاثة أيّام.

الثالث: أن لا يَغْتَمّ ولا يهتمّ إلا لِدينه أو طلب إصلاح دِينه٢.

وسمعتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ لما قتل يحيى الذُّهَليّ: مُنِعَ النّاس من حضور مجالس الحديث، أشار بهذا على أحمد بن عبد الله الخُجُسْتانيّ: شرويه، والعبّاسان، فلم يجسر أحد أن يحمل محبرةً، إلى أن وَرَدَ السَّرِيّ بن خُزَيْمة الأبيْوَرْديّ، فقام أبو عثمان الحِيريّ الزّاهد، وجمع المحدِّثين في مسجده، وأمرهم أن يُعلِّقوا المحابر في أصابعهم، وعلّق هو محبرةً بيده، وهو يتقدَّمهم إلى أن جاء إلى خان محمش، فأخرج السَّرِيّ، وأجلس المستملي بين يديه، فَحَزَرْنا في مجلسه زيادة على ألف محبرة. فلمّا فرغ قاموا. فقبّلوا رأس أبي عثمان رحمه الله، ونثر النّاس عليهم الدَّرَاهم والسُّكَّر، وذلك في سنة ثلاثٍ وسبعين ومائتين٣.

قلت: ذكر الحاكم ترجمته في كَرَّاسَيْن ونصف، فأتى بأشياء نفيسة من كلامه، في اليقين وَالتَّوَكُّلِ والرِّضا.

قال الحاكم: سمعت أبي يقول: لمّا قتل أحمدُ بنُ عبد الله الخجستاني: حيكان، يعني الذُّهليّ، أخذ في الظُّلْم والحَيْف، فأمر بحربةٍ، فركزت على رأس المربعة، وجمع أعيان التجار وحلف: إن لم تصبوا الدراهم حتى تغيب رأس الحربة، فقد أحلَلْتُم دماءكم. فكانوا يقتسمون الدّراهم فيما بينهم، فخُصّ تاجرٌ بثلاثين ألف درهم، ولم يكن يقدر على ثلاثة آلاف درهم، فحملها إلى أبي عثمان، وقال: أيُّها الشيّخ قد حَلَفَ هذا كما علِمْت، ووالله لا أهتدي إلا إلى هذه.


١ سير أعلام النبلاء "١٤/ ٦٤".
٢ سير أعلام النبلاء "١٤/ ٦٤".
٣ سير أعلام النبلاء "١٤/ ٦٤".