للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتبسَّم القاضي وقال لي: كيف رأيت؟ قلت: لهذا ومثله فضَّل الله القاضي.

فَقَالَ: عليَّ بالغلام والشيخ. فأُدْخِلا، فأرهب القاضي الشّيخ، ووعظ الغلام، فأقرَّ الشيخ وأخذ التّاجر بيد ابنه وانصرفوا١.

وقال أبو بَرْزَة الحاسب: لا أعرف في الدُّنيا أحسب من أبي حازم القاضي.

وقال القاضي أبو طاهر الذُّهَليّ: بَلَغَني أنّ أبا حازم القاضي جلس بالشَّرْقيّة، فأدَّب خصْمًا لأمرِ، فمات. فكتب رُقعةً إلى المعتضد يقول: إنّ دِيَة هذا واجبةٌ في بيت المال، فإنْ رأى أمير المؤمنين أن يأمر بحملها إلى وَرَثَته فعل.

فحمل إليه عشرة آلاف درهم، فدفعها إلى ورثته٢.

قلت: وكان المعتضد يجلّ أبا حازم ويُطيعه في الخير.

وبَلَغَنا أنّ أبا حازم لمّا احتضر جعل يبكي ويقول: يا ربّ مِنَ القضاء إلى القبر.

وله شِعرٌ رائقٌ، فمنه:

أدل فأكرم به من مدلو ... من شادنٍ لدمي مُسْتَحِيلّ

إذا ما تعذَّر قابلتُه بذُلّ ... وذلك جَهْد المُقِلّ

وأسلمت خَدّي له خاضعًا ... ولولا ملاحَتَه لم أذلّ٣

قَالَ محمد بن الفَيْض: لم يزل محمد بن إسماعيل بن عُلَيَّة على قضاء دمشق إلى أن قدِم المعتضد قبل الخلافة لحرب ابن طولون، فخرج أبو حازم معه إلى العراق، وولي بعده أبو زُرْعة محمد بن عثمان.

وقال الطَّحاويّ: مات ببغداد في جُمَادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

وأما:

٢٦٥- أبو حازم القاضي أحمد بن محمد بن نصر٤.


١ تاريخ دمشق "٩/ ٤٠٢".
٢ تاريخ دمشق "٩/ ٤٠٢، والمنتظم "٦/ ٥٤".
٣ تاريخ دمشق "٩/ ٤٠٢".
٤ تاريخ بغداد "٥/ ١٠٨".