للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنا في السفينة رجل يقال له: الحسين بن منصور، قلت: فيم جئت؟ قال: أتعلم السِّحْر، وأدعو الخلق إلى الله١.

وقال أبو بكر الصوليّ: قبضَ عليّ بن أحمد الراسبيّ الأمير الحلاج وأدخله بغداد وغلامًا له على جمل مشهورين سنة إحدى وثلاثمائة. وكتب يذكر أن البينة قامت عنده أنه يدعي الربوبية، ويقول بالحلول.

فأحضره عليّ بن عيسى الوزير، وأحضر العلماء فناظروه، فأسقط في لفظه، ولم يجده يُحسن من القرآن شيئًا ولا من غيره. ثمَّ حُبِس مدّة.

قال الصولي: كان يري الجاهل شيئًا من شعبذته، فإذا وثق به دعاه إلى أنه إله، فدعا فيمن دعا أبا سعيد بن نوبخت، فقال له، وكان أقرع: أَنْبِت في مقدم رأسي شعرًا٢.

ثم ترقت به الحال، ودافع عنه نصر الحاجب؛ لأنه قيل: إنّه سني، وإنما يريد قتله الرافضة.

قال: وكان في كتبه: إني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود.

وكان حامد بن العبّاس الوزير قد وجد لهُ كتبًا فيها أنّه إذا صام الإنسان وواصل ثلاثة أيّام وأخذ في اليوم الرابع ورقات هنْدباء، فافطر عليها أغناه عن صوم رمضان.

وإذا صلّي في لَيْلَةٍ واحدةٍ رَكْعَتَين طول اللّيل أغنته عن الصّلات ما بقي.

وإذا تصدَّق في يومٍ بجميع ما يملكه أغناه عن الزّكاة.

وإذا بنى بيتًا وصامَ أيامًا وطاف به أغناه عن الحجّ٣.

فأحضر حامد القضاة وأحضره وقال: أتعرف هذا الكتاب؟ قال: هذا كتاب "السُّنَن" للحَسَن البصْريّ.

فقال: ألست تدين بما فيه؟ قال: بلى. هذا كتاب أدين الله بما فيه.


١ تاريخ بغداد "٨/ ١٢٠"، والمنتظم "٦/ ١٦١".
٢ تاريخ بغداد "٨/ ١٢٤"، والمنتظم "٦/ ١٦٣".
٣ راجع: تكملة تاريخ الطبري "٢٤"، ونشوار المحاضرة "١/ ١٦٢، ١٦٣"، والمنتظم "٦/ ١٦٣"، وصحيح التوثيق "٧/ ٣٦٨".