للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ينجوج" مظَانّ هيكل "متجلّياتي" لأعظم من الرّاسيات١.

ثم أنشأ يقول:

أنْعى إليك نفوسًا ماج شاهدها ... فيما وراء الغيب وفي شاهد القِدَم

أنْعى إليك قلوبًا طالما هَطَلَتْ ... سَحايُب الْوحْيِ لها أو بحر الْحِكَمِ

أنْعى إليك لسان الحقّ من زمن ... أوْدَى وتَذْكَارُهُ في الوهْم كالعدم

أنْعى إليك بيانًا تستبشر له ... أقوال كل فصح مقول فيهم

أنْعى إليك إشارات العُقول معًا ... لم يَبْق مِنْهنّ الّا دارسُ الْعِلْمَ

أنْعى وحقَّك أحلامًا لطائفةٍ ... كانت مطاياهم من مكمد الكِظَمِ

مضى الجميعُ، فلا عَيْنُ ولا أثرُ ... مُضِيّ عادٍ وفِقْدَانَ الأُولَى إرَم

وخلفوا معشرًا يَجْدُون لِبستَهم ... أعمى من البَهْم بل أعمى من النَّعَمِ٢

ثم سكت، فقال خادمه أحمد بن فاتك: أوْصِني يا سيّدي.

فقال: هي نفسُك إنّ لم تَشْغلْها شَغَلتْك٣.

فلمّا أصبحنا أُخرج من الحبْس، فرأيته يتبخْترَ في قَيده ويقول: نديمي غير منسوبِ. الأبيات.

ثمّ حُمِل وقُطِّعت يداه ورجلاه، بعد أن ضرب خمسمائة سوط، ثم صُلب، فسمعته وهو على الْجِذْع يناجي ويقول: إلهي، أصبحتُ في دار الرّغائب أنظر إلى العجائب، إلهي إنك تتودد إلى مَن يؤذيك، فكيف لَا تتودّد إلى من لَا يؤذَى فيك.

ثمّ رأيتُ أبا بكر الشِّبْليّ وقد تقدَّم تحت الْجِذْع، وصاح بأعلى صوته يقول: أَوَلم أَنْهَكَ عن العالَمين؟.

ثمّ قال له: ما التَّصوّف؟ قال: أهون مرقاةٍ عندي ما ترى٤.


١ سير أعلام النبلاء "١١/ ٣٤٦ وما بعدها".
٢ سير أعلام النبلاء "١١/ ٣٤٧"، وديوان الحلاج "٢٤، ٢٥".
٣ المصدر السابق.
٤ المصدر السابق.