وقمتُ وودَّعته، ومضى على هذا خمسُ وأربعون سنة، ثمّ سمعت أنّه صُلِب وفُعِل به ما فُعِل.
وقد ذكره السُّلَميّ في تاريخه، ثمّ قال: فهذه أطراف ممّا قال المشايخ فيه من قبولٍ وردٍ، واللَّه أعلم بما كان عليه. وهو إلى الرّدّ أقرب.
وقد هتك الخطيب حال الحلاج في "تاريخه الكبير"، وشفى وأوضح أنه كان ساحرًا مموهًا سيئ الاعتقاد.
فصل من ألفاظه:
عليك بنفسك، إن لم تشغلها بالحقّ، شَغَلَتْكَ عن الحقّ.
وقيل: إنه لما صلب، يعني سنة إحدى وثلاثمائة، قال: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَق} [الشورى: ١٨] .
وقال: حجبهم الاسم فعاشوا، ولو أبرز لهم علوم القُدرة لطاشوا، ولو كشف لهم عن الحقائق لماتوا.
وقال: علامة العارف أن يكون فارغًا من الدّنيا والآخرة.
قيل: هذا كلام نجس؛ لأنّ الله تعالى يقول: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ٩] الآية.
وقال: لأَفْضَلُ الأمّة الصّحابة وهم الصّحابة. مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخرة، فهو واللَّه مدّعٍ فشّار وأحمق بطّال، بل مُريد للدّنيا والآخرة.
وكتبَ الحلاج مرةً إلى أبي العباس بن عطاء كتابًا فيه من شِعْره:
كتبتُ ولم أكتب إليك وإنّما ... كتبتُ إلى روحي بغير كتابِ
وذاك لأنّ الروح لَا فَرْق بَيْنَها ... وبين مُحبّيها بفضْل خِطاب
فكُّلُّ كتابٍ صادرٍ منكَ واردُ ... إليكَ بلا رَدِّ الجواب جوابي١
وله:
مُزِجَتْ روحُك في روحي كما ... تمزج الخمرة بالماء الزلال
١ تاريخ بغداد "٨/ ١١٤، ١١٥"، وديوان الحلاج "٤٢".