للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قالت: وَاللَّهِ مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ؛ كُلَّمَا خَرَجَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَكَانَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ.

وقال أَبُو عَبْد الله عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا لعبد الله بْن رَوَاحة فِي حِجْره، فخرج بي فِي سَفَره ذَلِكَ، مُرْدِفي عَلَى حقيبة رَحْله، فَوَالله إنّه لَيَسِير إذ سَمِعْتُهُ ينشد أبياته هذه:

إذا أدْنَيْتَني وحملتِ رَحلي ... مَسيرةَ أربعٍ بعد الحِساءِ

فشأنُكِ أنعم وخَلاكِ ذم ... ولا أَرْجعْ إلى أهلي وَرَائي

وآبَ المسلمون وغادرُوني ... بأرضِ الشامِ مُشتهر الثَّواء

وردَّكَ كلّ ذي نَسَبٍ قريبٍ ... إلى الرَّحْمَن منقطَع الإِخاء

هنالك لا أُباليَ طلع بعل ... ولا نخل أَسَافِلُها رواء

فلما سمعتهنّ بكيت، فَخَفَقَني بالدِّرَّة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شُعْبَتَيْ الرحل! وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ جَعْفَرًا أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقُطِعَتْ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ فَقُطِعَتْ، فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. فَأَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ جناحين في الجنة يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ١. وَرَوَى أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ بِالرِّمَاحِ.

قُلْتُ: وَكَانَ جَعْفَرٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $"أَشْبَهْتَ خَلقي وخُلقي".

وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلا رَكِبَ الْمَطَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكُنَّا نُسَمِّيهِ أَبَا الْمَسَاكِينِ.

وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: مَا سَأَلْتُ عَلِيًّا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- شَيْئًا بِحَقِّ جَعْفَرٍ إِلا أَعْطَانِيهِ.

وعن ابن عُمَر قَالَ: وجدت فِي مقدَّم جَسَد جَعْفَر يوم مؤتة بضعًا وأربعين


١ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رأيت جعفر بن أبي طالب ملكًا يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين". رواه الترمذي، وغيره، وانظر: "صحيح الجامع" "٣٤٥٩".