للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَرْبةً. ولما قدِم جعفرُ من الحَبَشَة عند فتح خيبر، رَوَى أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتنقه وقال: "ما أدري أَنَا أُسَرّ بقدُومُ جَعْفَر أو بفتح خيبر" ١.

وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: لَمَّا نَعَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعْفَرًا أَتَانَا فَقَالَ: "أَخْرِجُوا إِلَيَّ بَنِي أَخِي". فَأَخْرَجَتْنَا أُمُّنَا أُغَيْلِمَةً ثَلاثَةً كَأَنَّهُمْ أَفْرَاخٌ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَوْنٌ، وَمُحَمَّدٌ.

وَأَمَّا أَبُو أُسَامَةَ زيد بن حارثه بن شراحيل الْكَلْبِيُّ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ الْمَوَالِي؛ فَإِنَّهُ مِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ وَكَانَ مِنَ الرُّمَاةِ الْمَذْكُورِينَ. آخَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَاشَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَهُوَ الَّذِي سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} يَعْنِي مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧] وكان المسلمون يدعونه زيد ابن النَّبِيِّ حَتَّى نَزَلَتْ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: ٤] . وَقَالَ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] .

رَوَى عَنْ زَيْدٍ ابْنُهُ أُسَامَةُ وَأَخُوهُ جَبَلَةَ.

وَاخْتُلِفَ فِي سَنَةٍ. فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَشْرُ سِنِينَ؛ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْبَرُ مِنْهُ، وَكَانَ قَصِيرًا شَدِيدَ الأُدْمَةِ أفْطَسَ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: كَذَا صِفَتُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَجَاءَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ وَكَانَ ابْنُهُ أَسْوَدَ. وَلِذَلِكَ أُعْجِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِ مُجزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ الْقَائِفِ: "إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ".

قُلْتُ: وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ عُمْرُهُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السّبيْعيُّ إِنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَغَارَتْ عَلَيْهِ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ، فَوَقَعَ إِلَى خَدِيجَةَ فَاشْتَرَتْهُ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لِلنَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُرْوَى أنَّهَا اشْتَرَتْهُ بسبعمائة درهم.


١ تقدم تخريجه.