للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نازوك. فقال لَهُ المحسّن: إلى أَيْنَ؟ فقال: قد قبّلنا يدَ هذا الشَّيْخ سنين كثيرة، فما يطيب لي أنّ أراه عَلَى هذه الحال. ودخلَ عَلَى المقتدر فأخبره فأنكر إنكارًا شديدًا. فبعث ابنُ الفُرات إلى ابنه يشتمه ويسبّه، وبعثَ إلى عليّ بْن عيسى بمالٍ وحمله مُكَرَّمًا إلى داره. فسأل الخروج إلى مكة. فأذنوا له فخرج إليها١.

ذكر نكبة ابن مُقْلَة:

ونكب ابن الفُرات أبا عليّ بْن مُقْلَة، وكان كاتبًا بين يدي حامد بن العباس.

ذكر إخراج مؤنس الخادم إلى الرقّة ٢:

وقدَمَ مؤنس بغداد، فالتقاه الملأ، فانكر ما جرى عَلَى حامد وابن عيسى فعزَّ عَلَى ابن الفُرات فاجتمع بالمقتدر وأغراه بمؤنس، وقال: قد عزمَ عَلَى التحكم عَلَى الخلافة.

فلمّا دخل مؤنس عَلَى المقتدر قَالَ لَهُ: ما شيء أحبّ إليّ من إقامتك ببغداد، ولكن قد قلت: الأموال بالعراق، وعسكرك يحتاجون إلى الأرزاق، ومال مصر والشّام كثير. وأرى أنّ تقيم بالرقة، والأموال تحمل إليك من الجهات، فاخرج٣.

ذكر تفرُّغ ابن الفُرات لنكبة ابن الحاجب وشفيع المقتدريّ:

وعلم مؤنس أنّ هذا من تدبير ابن الفُرات، وكان بينهما عداوة، فخرج بعد أيام مستوحشًا.

فتفرّغ ابن الفُرات في نكبة نَصْر بْن الحاجب، وشفيع المقتدري، وكثر عليهما عند المقتدر، فلم يمكنه منهما، فقال: إنّ نصرًا ضيَّع عليك في شأن ابن أَبِي السّاج خمسة آلاف ألف دينار، ولو كانت باقية لأرضيت بها الْجُنْد. فكان المقتدر يشره إلى المال مرّةً، ويراعي خاطر والدته لمدافعتها عَنْ نصر مرةً، وقالت لَهُ: قد أبعدَ ابن الفُرات مؤنسًا وهو سيفك، ويريد أنّ ينكب حاجبك ليتمكّن منك، فيجازيك عَلَى حسب ما عاملته من إزالة نعمته وهتْك حُرَمهِ، فَبِمَن تستعين عَلَى ابن الفُرات، والمحسّن مَعَ ما قد


١ تجارب الأمم "١/ ١١٠-١١٣".
٢ الكامل في التاريخ "٨/ ١٤٢".
٣ البداية والنهاية "١١/ ١٤٨"، والوزراء للصابي "٥٣".