وإذا عاث في دكان الفاميّ فظفر بهِ ولزه وثب عَلَيْهِ وخمشه. ولستُ أضعف من السِّنَّور، وقد جعلت هذا الكلام عذرا. فإن صلحت لي وإلا فعلي وعلي. وعقدت الأيمان لأقصدن الخليفة الآن وأحمل إِلَيْهِ من خزانتي ألفي ألف دينار وأقول: سَلْم ابن الفُرات إلى فلان ووله الوزارة. فيخدمني ويرجع تدبير أموره إليّ، فأسلمك إِلَيْهِ، فيعذبك حتّى يأخذ منك الألفي ألف. وأنت تعلم أنّ حالك يفي بها، ويعظم قدري بعزلي وزيرًا وتقليدي آخر.
فلمّا سمع هذا، قَالَ: يا عدوّ اللَّه، وتستحلّ هذا؟ فقلت: إنّ أحوجتني إلى هذا، وإلّا فاحلف لي السّاعة عَلَى معاملتي بكلّ جميل، ولا تبغ لي الغوائل.
وقال: وتحلف ليّ أنتَ أيضًا على مثل ذلك، وعلى حسن الطاعة و"المؤازرة".
فقلت: أفعل.
فقال: لعنك اللَّه، فما أنت إلّا إبليس. واللَّه لقد سحرتني.
واستدعى دَواةً، وعملنا نسخة اليمين، وأحلفته بها أولًا، ثمّ حلفت لَهُ.
فقال: يا أبا عَبْد اللَّه، لقد عَظُمْتَ في نفسي، واللَّه ما كَانَ المقتدر يفرق بين كفايتي وموقعي، وبين أصغر كتّابي مَعَ الذهب، فاكتم ما جرى.
فقلت: سبحان اللَّه.
فقال: إذا كَانَ غدًا فتعال لترى ما أعاملك بهِ.
فنهضت، فقال: يا غلمان بأسركم بين يدي أَبِي عَبْد اللَّه. فعدتُ إلى داري وما طلع الفجر.
ثم قَالَ لي ابنه أبو عليّ: هذا فعل من يحكي عَنْهُ تِلْكَ الحكايات؟ فقلت: لَا.