للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بواسط. وكان ذا أموالٍ عظيمة. وكان يُخْرجها في الصّناديق، ويخرج الرجال في صناديق أُخَر على الحمال إلى البرّ، ثمّ يفتح عليهم فيحضرون ويدفن المّال، ثمّ يعيدهم إلى الصّناديق، فلا يدرون أين دفنوا، ويقول: إنما أفعل هذا لأنيّ أخاف أنّ يُحال بيني وبين داري. فَضَاعت بموته الدّفائن.

قال ثابت بن سِنان: لمّا مات الرّاضي استدعى بَجْكَم والدي إلى واسط، فقال: إني أريد أنّ أعتمد عليك في تدبير بَدَني، وفي أمرٍ آخر أهمّ من بدني، وهم تهذيب أخلاقي. فقد غَلَبَ عليّ الغضب وسوء الخلق، حتى أخرج إلى ما ندم عليه من قتلٍ وضَرْب.

فقال: سمعًا وطاعة.

فحَّدثه بكلامٍ جيد في مُداراة نفسه بالتأني إذا غضب، وحضّه على العفو.

وكان جيش البريدي قد وصل إلى المذار، فأنفد بَجْكَم كورتكين وتوزون للقائم، فالتقوا على المذار في رجب، فانكسر أصحاب بَجْكَم وراسلوه يستمدّونه، فخرج من واسط. فأتاه كتابٌ بنَصْر أصحابه، فتصيدا عند نهر جور، وهناك قو أكراد مياسير، فَشَره إلى أخذ أموالهم، وقَصَدهم في عَدَدٍ يسيرٍ من غلمّانه وهو متخفٍّ. فهرب الأكراد منه، وبقي منهم غلام أسود، فطعنه برمح، وهو لا يعلم أنّه بَجْكَم، قتله لتسعٍ بقين من رجب١.

وخامرَ معظم جُنْده إلى البريديّ، وأخذ المتّقي من داره ببغداد حواصله، فحصَل له مِن ماله ما يزيد على ألفي ألف دينار. فصار توزون وكورتكين وغيرها من كبار أصحابه إلى الموصل، ثمّ إلى الشام، إلى محمد بن رائق. واستدعاء المتّقي إلى الحضرة.

مسير ابن رائق إلى بغداد:

فسارَ ابنُ رائق من دمشق في رمضان، واستخلف على الشّام أحمد بن عليّ بن مقاتل. فلمّا قرُب من المَوْصل كتب كورتكين إلى القائد أصبهان ابن أخيه بأنّ يصعد من واسط، فصعَد ودخل بغداد، فخلع عليه المتقي وطوقه وسوره.


١ تكملة تاريخ الطبري "١/ ١٢١، ١٢٢"، المنتظم "٦/ ٣٢٠"، الكامل في التاريخ "٨/ ٣٧١"، البداية والنهاية "١١/ ٢٠٠".