والميرة، وسارَ الكُلّ إلى الموصل، فلم يحضر الحسن، وتردّدت الرُّسُل بينه وبين ابن رائق إلى أنّ توثَّق كُلّ منهم بالعهود والأيْمان.
فجاء الحِسُن واجتمع بابن رائق وبأبي منصور ابن الخليفة في رجب، وذلك بمخيَّم الحسن.
فلمّا أراد الانصراف ركب ابن المتّقي وقُدِّم فرس ابن رائق ليركب، فتعلَّق به الحسن وقال: تقيم اليوم عندي نتحدَّث.
فقال: ما يحسُن بي أنّ أتخلَّف عن ابن أمير المؤمنين.
فألحَّ عليه حتّى استرابَ محمد بن رائق وجذَب كمَّه من يده فَتَخرَّق. هذا ورِجله في الرّكاب ليركب، فَشَبَّ به الفرس فوقع، فصاح الحسن بغلمانه: لايفوتنكم، اقتلوه. فنزلوا عليه بالسيوف، فاضطرَب أصحابُه خارج المخيَم، وجاء مطرٌ فتفرّقوا، فَدُفِن وعُفى قبره ونُهبت داره الّتي بالموصل١.
فنقل ابن المحسِّن التنوخي، عن عبد الواحد بن محمد المَوْصلي قال: حدَّثني رجلٌ أن النّاسَ نهبوا دار ابن رائق، فدخلتُ فأجدُ كيسًا فيه ألف دينار أو أكثر، فقلت: إنّ خرجت به أخذَه مني الْجُنْد. فطفت في الدّار فمررتُ بالمطبخ، فأخذتُ قدْر سكباج ملأى، فرميتُ فيها الكيس وحملتها على رأسي، فكلّ مَن رآني يظنّ أنّي جائع، فذهبتُ بها إلى منزلي.
تلقيب ابني حمدان ناصر الدّولة وسيف الدّولة:
وبعث الحسن إلى المتّقي: إنّ ابن رائق أراد أن يغتالني. فأمره بالمَصير إليه. فجاء إليه فقلَّدَه مكان ابن رائق ولقبه " ناصر الدّولة "؛ وخلعَ على أخيه ولقّبه "سيف الدّولة". وعاد إلى بغداد وهُم معه.
هرب البريديّ إلى واسط:
فهرب البريديّ إلى واسط. فكانت مدّة إقامته ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يومًا.
ودخل المتّقي بغداد في شوّال، وعُمِلت القباب.
١ تكملة تاريخ الطبري "١/ ١٢٨"، الكامل في التاريخ "٨/ ٣٨٢"، النجوم الزاهرة "٣/ ٢٧٥".