للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسيرت أخي لإحضارهما، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين ووجد هذا فأتي به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عُبَيْد.

فقالوا: وما أنكرت منه؟ قال: إنّ الإمام يعلم الكاينات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونص الأمر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يومًا. ولو كان إماما لعلم بموته.

قالوا: ثمّ ماذا؟ قال: والإمام لا يلبس الحرير ولا الذَّهَب وقد لبِسهما. وليس له أن يطأ إلا ما تحقق أمره، وهذا قد وطئ نساء زيادة الله.

فتشككت كُتَامَة في أمره، وقالوا: ما ترى؟ قال: قبضه ونسير من يكشف لنا عن أولاد الإمام على الحقيقة.

فأجمعوا أمرهم. وخفَّ هارون بن يوسف كبير كُتامة فواجَه المهديّ. وقال: قد شككْنا فيك فَأْتِ بآية. فأجابه بأجوبةٍ قبلها عقلُه، وقال: إنّكم تيقَّنتم واليقين لا يزول بالشك. وإن الطفل لم يمت وإنه أمامك. وإنما الأئمة ينتقلون. وقد انتقل لإصلاح جهة أخرى.

فقال: آمنت. فلبْسك الحرير؟ قال: أنا نائب للمشرع أُحَلِّل لنفسي ما أريد، وكلّ الأموال لي. وزيادة الله كان غاصبًا.

وأمّا أبو عبد الله وأخوه فأخذا يخبّبان عليه فرتب من قتلهما.

ثمّ خرج عليه جماعة من كُتَامة فظفر بهم وقتلهم. وخالف أهل طرابلس، فوجّه ولده القائم فافتتحها عَنْوةً، ثمّ بَرْقَةَ فافتتحها، ثمّ صِقلِّية فأخذها، واستقر مُلكه.

وجهز ولده القائم لأخذ مصر مرتين ويرجع مهزومًا.

وبنى المهدية ونزلها سنة ثمانٍ وثلاثمائة.

وعاش ثلاثا وستين سنة، وخلف ثلاثة عشر ولدًا، منهم ستة بنين، آخرهم موتًا أبو علي أحمد في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.

٨٦ - عثمان بن حديد بد حميد الكلابي١.

أبو سعيد الأندلسي الإلبيري.


١ تاريخ علماء الأندلس "١/ ٣٠٣، ٣٠٤"، جذوة المقتبس للحميدي "٣٠٥".