فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} ، قَالَ: خرجوا فِي غزوة تبوك، الرَّجُلان والثَّلاثة عَلَى بعيرٍ، وخرجوا فِي حرِّ شديدٍ، فأصابهم يومًا عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أَكْرَاشها ويشربوا مَاءها.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيرٍ، فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ. الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ شَكَّ الْأَعْمَشُ؛ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَذِنَتْ لَنَا فَنَنْحَرُ نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. فَقَالَ: "أَفْعَلُ". فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنْ ادْعُ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، وَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ. فَقَالَ: "نَعَمْ". فَدَعَا بنِطَعٍ فبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ.
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ". فَأَخَذُوا حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضِلَتْ فَضْلةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؛ لَا يَلْقَى اللَّهُ بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبُ عَنِ الْجَنَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَدِّثْنَا مِنْ شَأْنِ الْعُسْرَةِ. فَقَالَ: خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى أَنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ, فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. قَالَ: "أَتُحِبُّ ذَلِكَ"؟ قَالَ: نَعَمْ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَطَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ، فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ, ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنَظْرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ. حَدِيثٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِأَصْحَابِهِ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَهُمْ"؛ يَعْنِي أَصْحَابَ الْحِجْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute