للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السلمي: كان أبو القاسم النَّصْراباذي يحمل الدَّواة والوَرَق، وكلَّما دخلنا بلدًا قال لي: قم حتى نسمع، وذلك في سنة ست وستين وثلاثمائة، فلما دخلنا بغداد قال: قم بنا إلى القَطِيعي، وكان له ورَّاق قد أخذ من الحاجّ شيئًا ليقرأ لهم، فدخلنا، فأخطأ الورَّاق غير مرة، والنصرباذي يردُّ عليه، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغُرَباء، فلمَّا ردّ عليه الثالثة قال: يا رجل، إنْ كنت تُحْسِن تقرأ فتعال، كالمُستهزِئ به، فقام الأستاذ أبو القاسم وقال: تأخَّر قليلًا، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحيَّر منها القَطِيعيّ ومَن حوله، فقرأ ثلاثة أجزاء، وجاء وقت الظُّهر، فسألني الورَّاق: مَن هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النَّصْراباذي، فقام وقال: أيُّها النّاس، هذا شيخ خُراسان.

قال السُّلمي: وقد خرج بنا نسْتسقي مرّة، فعمل طعامًا كثيرًا، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القِرَب، وبقيتُ أنا وهو لا نقدر على المُضِيء بحالٍ. قال: فأومأ إلى مسجد، فكان يكفّ، وكنَّا صِيامًا، فقال: لعلّك جائع؟ تريد أنْ أطلب لك من الأبواب كَسْرة؟ قلت: معاذ الله.

وكان يترنَّم بهذا:

خرجوا لِيَسْتَسْقُوا فقلت لهم: قِفُوا ... دمعي ينوب لكم عن الأَنْواءِ

قالوا: صَدَقْتَ ففي دموعك مقنعُ ... لكنّها ممزوجة بِدِمَاء

قلت: ومن مُرِيديه أبو علي الدّقّاق شيخ أبو القاسم القُشَيري، رحمهم الله تعالى.

٢٢٢- إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن، أبو إسحاق السَّرْخَسي١ ثم الهَرَوي، والد الشيخين إسماعيل، وإسحاق أبي يعقوب الحافظ، ويعرف بالقرّاب.

٢٢٣- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الهوري الورَّاق٢.

روى عن أبي علي محمد بن محمد بن يحيى القَرْاب، وغيره.

وعنه: شُعَيْب البوشنجي.


١ نسبة إلى سرخس بلدة قديمة بخراسان.
٢ في عداد المجهولين.