للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذه سقْطَة أخرى له، والله يغفر له، أَفَتَكُونُ قِبْلَةُ الإسلام مثل القبور التي لُعِنَ من اتَّخَذَها مسجدًا؟ قال السُّلَمي: وسمعت جدي ابن بجيد يقول: منذ عرفت النَّصْراباذي ما عرفت له جاهليّة.

وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق في عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، وكان جمَّاعة للرّوايات ومن الرّحالين في الحديث، وكان يُوَرَّق قديمًا، فلمَّا وصل إلى علم الحقيقة ترك الورَاقَةَ وغاب عن نَيْسَابُور نَيِّفًا وعشرين سنة، وكان يَعِظُ ويذكّر، ثم إنَّه في سنة خمسٍ وستّين حجَّ وجاور بمكّة، ثم لِزم العبادة حتى توفِّي فيها في ذي الحجّة سنة سبعٍ، ودُفن عند الفُضَيْل بن عِيَاض.

قال الحاكم: وبِيعَت كُتُبُهُ وأنا في بغداد، وكشفتْ تلك الكتبُ عن أحوالٍ، والله أعلم. وسمعته يقول: وعُوتب في الرُّوح، فقال لمن عاتبه: إنْ كان بعد الصَّدَّيقين مُوَحّدٌ فهو الحلَّاج.

قال الخطيب: كان ثقة.

وقال أبو سعيد الماليني: سمعته يقول: إذا أعطاكم حباكم، وإذا لم يُعْطِكُم محاكم، فشتَّان ما بين الحبا والحِمى، فإذا حباك شغلك، وإذا حماك جَمَّلَك.

وقال السلمي: قال النَّصْرآباذي: إذا أخبر الله عن آدم بصفة آدم قال: {وَعَصَى آدَم} [طه: ١٢١، وإذا أخبر الله عنه بفضله عليه قال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَم} [آل عمران: ٣] .

وقال: أصْل التَّصَوُّف ملازمة الكتاب والسنة، وترْك الأَهْواء والبِدعَ، وتعظيم حُرْمة المشايخ، ورؤية أعْذار الخَلْق، وحُسْن صُحْبة الرُّفَقَاء، والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة علي الأوراد، وترْك ارتكاب الرُّخَص.

وقال: نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.

وقال: المحبّة مُجَانَبَة السُّلُوِّ علي كل حال، ثم أنشد:

ومَن كان في طول الهوى ذاق سلوة ... فإني من ليلى بها غير ذائِقِ

وأكبر شيءٍ نِلْتُه وِصَالها ... أَمَانيُّ لم تَصْدُقْ كَلَمْحَةِ بَارِقِ