وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن القاسم المَحَامِلي: سمعنا منه سنة إحدى وسبعين.
قلت: هو والذي قبله لا أعرف وفاتهما يقينًا.
٣٢- محمد بن خفيف١ بن إسْفَكْشَاذ:
أبو عبد الله الضَّبّي الشّيرازي الصُّوفي، شيخ إقليم فارس.
حدَّث عن: حمّاد بن مُدْرِك، والنُّعمان بن أحمد الواسِطي، ومحمد بن جعفر التّمّار، والحسين المَحَامِلي، وجماعة.
وعنه: أبو الفضل محمد بن جعفر الخّزَاعي، والحسن بن حفص الأندلِسي، وإبراهيم بن الخَضِر الشَّيّاح، ومحمد بن عبد الله بن بَاكَوَيْه، وأبو بكر بن الباقِلاني المتكلّم.
قال أبو عبد الرحمن السُّلَمي: أقام بشيراز، وكانت أمُّه بنَيْسَابور، وهو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزّمان، لم يبق للقوم أقدم منه سِنًّا، ولا أتمَّ حالًا، صحب رُوَيْمَ بن أحمد، وأبا العبّاس ابن عطاء، ولقي الحسين بن منصور الحلَّاج، وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظّاهر، متمسِّك بالكتاب والسنة، فقيهٌ على مذهب الشّافعي، فمن كلامه قال:"ما سمعت شيئًا من سُنَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلا واستعملته، حتّى الصّلاة على أطراف الأصابع، وهي صعبة".
قال السُّلَمي: قال أحمد بن يحيى الشّيرازي: ما أرى التَّصوُف إلّا يُخْتَم به. وكان أبو عبد الله من أولاد الأمراء، فتزهَّد حتى قال: كنت أذهب وأجمع الخِرَقَ من المزابل وأغسله، وأصلح منه ما ألبسه، وبقيت أربعين شهرًا أفطر كل ليلة على كف باقلاء، فاقْتَصَدْت، فخرج من عِرْقي شبيهُ ماء اللّحم، فتحيّر الفاصد وقال: ما رأيت جسدًا بلا دمٍ إلّا هذا.
وقال ابن باكَوَيْه: سمعت أبا أحمد الكبير يقول: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: نُهْبتُ في البادية حتّى سقَطَتْ لي ثمانية أسنان، وانتثر شَعْري، ثم وقعتُ إلى فَيْدَ وأقمت بها، حتّى تماثَلْتُ وحَجَجْتُ، ثم مضيت إلى بيت المقدس، ودخلت الشّام، فنمت إلى جانب دُكّانِ صبّاغٍ، وبات معي في المسجد رجل به بطن قيام،
١ انظر الكامل "٩/ ١٦"، والمنتظم "٧/ ١٢"، حلية الأولياء "١٠/ ٣٨٥".