الإحياء؛ لأنَّ الإحياء صفة والمحيى قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلّا أنّه قال في الآخر:{وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم}[البقرة: ٢٦٠] .
ثمّ أنّي مشيت مع أبي الحسن وسمعت مناظرته، وتعجّبت من حُسن كلامه حين أجابهم.
قال أبو العبَّاس الفَسَوي: صنَّف شيخنا ابن خفيف من الكُتُب ما لم يصنِّفه أحَدٌ، وانتفع به جماعة صاروا أئمَّةً يُقْتَدى بهم، وعُمِّرَ حتى عمَّ نفعُه البلدانَ.
وقال أبو الفتح عبد الرحمن بن أحمد خادم ابن خفيف: سمعت أبا عبد الله بن خفيف يقول: سأَلنا يومًا القاضي أبو العبّاس بن شريح بشِيرَاز، ونحن نحضر مجلسه لدرس الفقه، فقال لنا: محبّة الله فرض أو لا؟ قلنا فرْض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب بشيء، فسألناه، فقال: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُم}[التوبة: ٢٤] الآية. قال: فتوعَّدهم الله على تفضيل محبتّهم لغيره على محبتّه، والوعيد لا يقع إلّا على فرض لازم.
وقال ابن باكَوَيْه: كنت سمعت ابن خفيف يقول: كنت في بدايتي رُبَّما أقرأ في ركعة واحدة عشرة آلاف {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد}[الإخلاص: ١] ، وربّما كنت أقرأ في ركعةٍ القرآن كلّه.
وعن ابن خفيف أنَّه كان به وَجَعُ الخاصِرة، فكان إذا أخذه أقعده عن الحركة، فكان إذا أقيمت الصّلاة يُحمل على الظَّهْر إلى المسجد، فقيل له: لو خفَّفت على نفسك. قال: إذا سمعتم: "حيَّ على الصّلاة" ولم تروني في الصّفّ فاطلبوني في المقابر.
قال ابن باكَوَيْه: سمعته يقول: ما وُجِبَت عليَّ زكاة الفِطْر أربعين سنة.
وقال ابن باكويه: نظر أبو عبد الله بن خفيف يومًا إلى ابن أُمّ مَكْتُوم وجماعة من أصحابه يكتبون شيئًا، فقال: ما هذا؟ قالوا: نكتب كذا وكذا. قال: اشتغلوا بتعلُّم شيءٍ ولا يغرنَّكم كلام الصوفية، فإني كنت أخبيء مَحْبَرَتي في جيب مُرَقَّعَتي، والورق في حجزة سراويلي، وأذهب خفْيةً إلى أهل العلم، فإذا علموا بي خاصموني، وقالوا: لا تُفلح، ثم احتاجوا إلي.
حَدَّثَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أنا عُمَرُ بْنُ كَرْمٍ بِبَغْدَادَ، أنا أَبُو الْوَقْتِ السجزي،