كان النداء بالهمزة مقرونًا بلا "ألا هل بلغت"؛ ليجمع بين النداء والحث على العمل بما يقول، ثم ختمها بالنداء الجليل بمخاطبة الله عز وجل على سبيل الدعاء، والإقرار بما يجب على النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو أمته الإسلامية، فختمها بقوله:"اللهم اشهد"، ومن أساليب الإنشاء أيضًا الأمر في قوله:"اسمعوا"؛ ليثير به المستمع، فتتفتح فيه منافذ الإدراك من العاطفة والوجدان والمشاعر والخواطر، وخاطبهم بصيغة الأمر، للدلالة على وجوب السمع والعمل بما يسمعون، ليتحول الأمر إلى منهج وسلوك، فلا تسفك الدماء ولا تنتهك الأعراض، ولا يعتدى على الحقوق بالباطل ظلمًا وغصبًا؛ ليسود الحق والعدل والخير والأمن والحب، ثم ينتقل إلى الترجي في قوله:"لعلي لا ألقاكم"، في أسلوب لا يدل على طمع في استبقاء حياته وحرص عليها؛ فهو يحتمل اللقاء وعدمه؛ لأنه ربط الرجاء بعدم اللقاء، فعبرت الصورة الفنية عن رؤية الغيب بنور البصيرة، حتى شعر الصحابة رضي الله عنهم أيضًا برحيله؛ فبكوا وأطلقوا عليها:"خطبة الوداع".
بلاغة الأسلوب في التعبير الخبري عن القيم الخلقية على سبيل التقرير والثبات، فاستخدم الحديث الشريف عناصره، التي تقرر الحفاظ على الدين والنفس والعرض والمال على سبيل الوجوب والثبات، والتنفيذ والسلوك الإسلامي القويم؛ فجاء بموكدات كثيرة "إن -أبين لكم- فإني لا أدري"، ثم التأكيد بالواقع المحس دليلًا دامغًا، لا يقبل الجدل، في "يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا"، مع التأكيد على التعظيم في اسم الإشارة، التي تكرر تأكيدًا لتعظيم التقرير لهذه التشريعات المحرمة، مثل حرمة هذا اليوم والشهر والبلد الحرام في صورة فنية تقوم على التشريع البليغ، مستمدًا عناصره من الواقع المحس، والمشاهد الحية النافذة إمتاعًا