للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتوجيهه إلى إدراك الصلاة قبل فوات الأوان وحينئذ لا ينفع الندم، وهو ما يدل على عظمة التشريع الإسلامي وسماحته. وغاياته السامية من السعادة في الدنيا والآخرة، ذلك هو الفوز الكبير.

التصوير الأدبي الجميل في بلاغة الأسلوب، الذي يدل على عموم الفاعل في صيغة الفعل المبني للمجهول في قوله: "نصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض وأحلت لي الغنائم، وأعطيت الشفاعة، وبعثت إلى الناس عامة" ليشمل الفاعل الحقيقي الخالق. وهو الله عز وجل، وهو المنعم بهذه الميزات على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم؛ فهو وحده المختص بها، وكذلك يشمل سبب الاستحقاق لها، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم- بما قدم من عمل وفضل لا يقوى عليه أحد غيره، وما بذله من جهد وتحمل لا ينهض به أحد سواه، مع رحمته بأمته وحبه لهم، فلم يدع على أعدائه كالأنبياء السابقين بالتدمير العام، لأن لكل نبي دعوة على قومه الضالين، وغيرها من الفضائل التي تجعله سببًا لما اختص به من هذه المميزات والنعم، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} وقال أيضًا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وقال أيضًا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} .

التصوير الفني في بلاغة التعبير وروعته في قوله: "نصرت بالرعب" فلم يقل: نصرت بالسيف والسلاح ولا بالقتل والعنف والتنكيل، كما يدعي ذلك أعداء الإسلام بأن الإسلام انتشر بحد السيف والقتال، وإنما سبب الأسباب في نشره والانتصار على أعدائه يرجع إلى ضعف نفوسهم؛ وفساد عقيدتهم وسوء سلوكهم وأخلاقهم، فتمتلئ قلوبهم بالرعب والخوف من المؤمنين، أهل الحق والعدل والخير، وغيرها من الصفات، التي

<<  <   >  >>