الطرفين، بدوافع هوى النفس وغواية الشيطان، وحب الانتصار على الغير، سواء من البادئ بالسباب والشتم، أو من المعارض الذي يدفع عن نفسه، ويرد عليه السباب، فعليه أن يقاوم ذلك بشدة، فيمسك لسانه ويغالب هواه، "فالشديد منكم من يملك نفسه عند الغضب" كما ورد في الحديث الشريف.
التصوير الفني في بلاغة الأسلوب البياني المستمد من ألوان الخيال، يتخذ منها صورًا فنية جميلة، تأخذ بالعقول وتسيطر على القلب والعاطفة والوجدان، وذلك في الصورة القائمة على التشبيه الصريح حين شبه الصيام بالجنة، وهي الدرع الذي يحمي القاتل من ضربات العدو، فترتد عنه السهام وتنكسر حوله السيوف، وللدلالة على ما يشتمل عليه الصيام من المفاعلة والمشاركة ومقاومة هوى النفس والشيطان والشهوات والملذات فيمسك عن كل ذلك ابتغاء مرضاة ربه سبحانه وتعالى، لأنه يمنع نفسه من ضروريات الحياة وكمالياتها، حتى لا يرتد خاسرًا لقوله:"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" كما يحمي الدرع المتقي به من القتل والهلاك، كذلك الصيام يحمي صاحبه بقيمه السامية.
والصورة البلاغية الثانية تكونت في التشبيه الضمني في قوله:"لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وهو من أنواع التشبيه البليغ، التي تزداد فيه المعاني البليغة عن التشبيه الصريح السابق، ومن بينها إقامة الدليل المقنع على هذه المعاني، لأن التشبيه الصريح في ذلك "رائحة الفم كالمسك"، ولكن التشبيه الضمني أكثر بلاغة لما يفيده من معان كثيرة، كما في صيغة "أفعل التفضيل" في أطيب، تدل على أطيب الروائح على الإطلاق، فهي عند الله أعظم مما عند الناس، وأن رائحة المسك