فلو وسعنا الدائرة لنأخذ الدلالات التبعية ما انتهينا أبداً، نحتاج إلى تفصيل كامل، يعني لو مثلاً من قوله -عليه الصلاة والسلام- لعائشة:((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) قلنا: في الحديث دلالة على أن الحائض تقرأ القرآن، هل هذه دلالة أصلية أو تبعية؟ تبعية بلا شك؛ لأن هذه لا تخطر على السامع من أول وهلة؛ لكن بعمومها قد يستدل من يستدل بها؛ لكن هل نقول: افعلي ما يفعل الحاج، هل نستطيع أن نقول: أن الحاج ينام فيسن للحاج النوم من هذا الحديث؟ حاج يأكل، هل يسن للحاج أن يأكل استنباطاً من هذا الحديث؟ دلالات بعيدة كل البعد، ولذا كثير من أهل العلم يرى عدم الاستدلال بالدلالات التبعية، والاقتصار على الدلالات الأصلية، فمثل هذا لا نحتاجه لبعده، وإذا استعملنا الآيات بهذه الطريقة معناه ما ننتهي، ونحتاج في آيات الحج أن نستعرض القرآن كله، لكننا نقتصر على الدلالات الأصلية في هذه الآيات.
فأول الآيات المتعلقة بالحج قوله تعالى:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(١٢٥) سورة البقرة].
يعني دلالته على ما نحن فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الركعتين، ركعتي الطواف خلف المقام، وتلا الآية، وإلا قد يقول قائل: جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ما له علاقة بالحج في الدلالة الأصلية: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(١٢٥) سورة البقرة] الصلاة عامة في الحج وغيره، نقول: لما تلا النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الآية حينما صلى ركعتي الطوف خلف المقام قلنا: دلالتها على المراد أصلية، فتلاها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ودونت في المناسك، ودونت في كتب الستة في كتب المناسك، وترجم بها الإمام البخاري على ما يريد من ركعتي الطواف.