يقول الطبري:{وَإِذْ جَعَلْنَا} عطف على قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [(١٢٤) سورة البقرة] وقوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ} [(١٢٤) سورة البقرة] معطوف على قوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ} [(١٢٢) سورة البقرة] واذكروا {إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} [(١٢٤) سورة البقرة] {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً} [(١٢٥) سورة البقرة] يعني هذه الجمل متعاطفة، كلها مصدرة بـ (اذكروا) صراحة في الموضع الأول، ومقدرة في المواضع التالية، والبيت الذي جعله الله مثابة للناس هو البيت الحرام، وأما المثابة فإن أهل العربية مختلفون في معناها، والسبب الذي من أجله أنثت، البيت يذكر، فكيف يقال: البيت مثابة؟ البيت مذكر فكيف يجعل أو يوصف بأنه مثابة؟ والتاء هذه تاء التأنيث؟
يقول الطبري:"وأما المثابة فإن أهل العربية مختلفون في معناها، والسبب الذي من أجله أنثت"، فقال بعض نحويي البصرة: ألحقت الهاء في (المثابة) لما كثر من يثوب إليه، كما يقال:(سيارة) لمن يكثر ذلك، (ونسابة) يعني تكون للمبالغة، يقول: التاء حينئذ للمبالغة، هذا كلام بعض نحويي البصرة، وقال بعض نحويي الكوفة: بل (المثاب) و (المثابة) واحد، المثاب والمثابة واحد، نظيرة:(المقام) و (المقامة) الآن عندنا المقامة، المقام {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ} [(١٢٥) سورة البقرة] {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ} [(٣٥) سورة فاطر] هل هذا المذكر مع المؤنث من باب واحد؟ لأنه يقول: نظيره المقام والمقامة، فإما أن نقول: مُقام إبراهيم ليكون الباب واحداً، أو نقول: مقامة، ليكون الباب واحداً، إما أن نقول في الآية: مقام، وفي الآية الأخرى: مقامة، يكون الباب واحد وإلا لا؟