للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهنا معارضَة وإلا موافقَة؟ التعلق بأستار الكعبة؟ معارضة؛ لأن هذا التعلق ما يراد به؟ يراد به التبرك والتبرك ممنوع، التبرك ممنوع خاص بمن جعل الله به البركة، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يتبرك بمخلوق، وكان الرجل منهم -يعني أهل الجاهلية- لو لقي به قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، ولم يعرض له حتى يخرج منه، كما قال جل ثناؤه: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [(٦٧) سورة العنكبوت] ولذا يختلف أهل العلم في إقامة الحدود في مكة، في حدود الحرم، يختلفون، والمسألة مبسوطة في مواضع متعددة.

ثم قال: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(١٢٥) سورة البقرة] يقول ابن الجوزي: "في مقام إبراهيم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الحرم كله، قاله ابن عباس، والثاني: أن المراد بالمقام عرفة والمزدلفة والجمار، قاله عطاء، وعن مجاهد كالقولين، وقد روي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد قالوا: الحج كله مقام إبراهيم، والثالث: الحجر، يعني الذي قام عليه إبراهيم حينما ارتفع البينان، وفيه أثر موضع القدمين، الحجر، قاله سعيد بن جبير، وهو الأصح.

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما في الحديث الصحيح: "قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت الآية".

يعني سبب النزول لا شك أن دخوله في النص عند أهل العلم قطعي، يعني الحجر مراد ودخوله في الآية قطعي، الحجر الذي فيه أثر القدمين المجاور للكعبة، دخوله قطعي؛ لكن الحجر بالمعاني الأخرى التي ثبتت عن الصحابة والتابعين والسياق لا يأباها، بل العموم يتناولها، لا شك أنها مراده بالعموم، والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، فكل مواضع الحج ومقامات الحج من مقامات إبراهيم، وإن كان المراد به في هذه الآية المراد به في هذه الآية الحجر المجاور للكعبة، والذي فيه أثر القدمين.